- يعني ينفع كده تفوَّتي عليَّ الماتش
- فدايا فدايا
- يا سلام ياختي
- آه طبعاً
- يعجبني ثقتك والله
- أنا مبسوطة أوي يا محمد
- ما هو وصلني إنك مبسوطة أوي يا محمد ، إن شالله دايماً
- أقولك ولا أتقَل عليك شوية
- ياما جاب الغراب ...
- أنا غراب .. تصدق إنك بايخ ومش قايله لك حاجة
- خلاص معلش قولي
- اعتذر الأول
- أنا آسف يا ستي ، قولي يا بت بقى
- أنا ....
" ميكونش ده اللي اسمه الهوى
اللي ملوش في الكون دوا "
- فعلاً فعلاً ؟
- فعلاً فعلاً :)
- هوَّ .. صح ؟؟
- ( تحرَّك راسها لفوق وتحت ، آه يعني )
- تجيبي لي اسمه الثلاثي وسنه وعنوانه وكل المعلومات عنه وييجي يقابلني اممم .. بكرة بعد الماتش
- :)
- :) ، يخرب بيتك ، بيبقى شكله إيه البتاع ده اللي بيسموه الحب
- بيبقى شكله عامل كده ( تميل بجنبها على اليمين ) مايل على اليمين شوية
- أوبا ، أهو ده عيب الديمقراطية ، ريم أنا في مقام أبوكي دلوقتي فلما أسألك سؤال تردي بأدب
- مش عارفة يا محمد ، بس أنا مبسوطة أوي .. حاسه إن عمري ما كنت مبسوطة زي دلوقتي
" يا هنا اللي بيه قلبه انكوى
ميكونش ده اللي اسمه الهوى "
- عارف كنت دايماً أتخيل اللي هييجي يقولي بحبك ده لازم يقولهالي تحت المطر وبعدين ياخدني بالحضن وأغنية آدم هو وهي حنان بقى وكده
- ما هي الأفلام دي اللي مودياكم في داهية
- بس طلع مش ضروري يعني ، رغم إن كل حاجة كانت بتقولها من بدري بس لما نطقها وشي احمَرّ زي القوطاية وحسيت .. حسيت كإني عايزه الأرض تنشق وتبلعني زي ما بيقولوا بس في نفس الوقت عايزه أفضل موجودة ونفسي أزعَّق وأقوله وأنا كمان ، بس متشوفنيش يا واد وأنا مكسوفة كنت عامله زي البطة البلدي مش قادرة أنطق ( تضحك ) كل اللي عملته بعد التتنيح ده كله إني هزيت دماغي كده وبعدين قلت أنا عايزه أروَّح .. كنت حاسه إن جوايا بيرقص كإني مش أنا
" إيه يا ترى يا هل ترى مالي كده متغيرة
قلبي اتخطف لوني اتقطف معرفش ليه متحيرة "
- وهو ؟؟
- وأنا كنت مركزة .. أنا كنت في البلوى اللي أنا فيها :) بس متهيألي هو كمان كان بايظ
- بس تصدقي فرحت أوي إنه قالهالك في وشك ، كنت خايف يعمل زي الشباب الكيتي كيتي ويقولهالك في ميسدج أو في الماسنجر وكده ، كانت هتبقى بايظة خالص
- آه
- شكلي هحبه الولد ده ، كان ناقص بس يرقعك بوسة على سداغك بس تتعوض
- بوسة ، بالزمة فيه أب يقول كده لبنته
- أب منحل بعيد عنك
" حاسه بهنا خاسة وأنا
لسه في أيام المنى
وردة بنداها صغيَّرة"
- أول ما مشيت كلمتك
- آه وانزل انزل انزل ، فوَّتي عليَّ الماتش
- مش يستاهل ؟؟
- طبعاً وأنا أقدر أقول غير كده
- كنت حاسه إني لازم أناديلك تشيل معايا عشان مش عارفه أشيل لوحدي ، عايزه أحكيلك بسرعة قبل ما أنسى أو يغمن عليَّ :) ، كل الفترة اللي فاتت لما كان يحاول يمسك إيدي أو أي حاجة من دي كنت ببعد
- كنتِ سيبيه يمسكها يا فوزية :)
- :) ، لأ بجد ، كنت ببقى خايفة شوية وقلقانة شوية بس النهاردة كنت حاسه إن أنا اللي عايزه أمسك إيده في وسط الشارع عشان أقول إنه قالهالي وإننا قريبين زيادة أو حتى حاجة واحدة
" أنا شايفه كل الكون فرح "
- عقبالك
- لأ خليني أنا كده قاعد أستَّركُم واحدة ورا التانية ، أنا فدا الشعب
- :) ، بس بزمتك مش جميل ؟
- جميل أوي يا ريم بجد ، وباعتباري أب ديمقراطي زي ما انتِ عارفة فأنا فرحان بيكِ فعلاً ، صحيح مش متفاجئ أوي عشان مركز في الفيلم من أوله وشايف حضرتك كويس طول الفترة اللي فاتت وعارف إن الخطوة دي هتحصل وهتبقى أول مشهد من فيلم تاني أجمل
- يا جامد انتَ
- بس رغم إن المفاجأة مش موجودة بس حاسس إني متفاجئ ومندهش ومبسوط بيكِ وعشانك أوي أكتر من أي حاجة
- ربنا يخليك ليَّ يا محمد بجد
- من يومين كنت ماشي مع أصحابي وبعدين لقينا ولد بيربط لبنت الكوتشي بتاعها ، أنا اعتبرت اللقطة دي أجمل لقطة في يومي ، كنت شايف انتماء بينهم عالي أوي ، ناس من أصحابي شافوا إن ده استهبال وهو كده هزق نفسه وكلام عبيط كده ، بس أنا كنت شايفها لقطة مدهشة لو عملت فيلم رومانسي في يوم من الأيام لازم أحطها فيه .. كان نفسي أروح أقوله إنه جميل عشان عمل كده ومتتكسفش أبداً وإني حسيت إنه بيحبها بجد ، بعد كده لما مشيوا كانت إيدهم مشبكة في إيد بعض .. حسيت إحساسهم وقتها بكل براءته وبساطته جايز أجمل إحساس في الدنيا ، مش عارف ليه حكيتلك الموقف ده دلوقتي .. يمكن عشان الموود اللي إحنا فيه
- مش لازم سبب يا أخي ، كفاية إني حسيت الموقف اللي انتَ قلته أوي ، بس يا محمد ، رغم كل السعادة اللي أنا فيها .. فيه حاجة .. مش عارفة
" أنا خايفة عقلي يكون سرح "
- ريم
- هه
- رحتي فين ؟؟
- موجودة بس فكرت في الحتة القلقانة جوايا
- مش فاهم
- ولا أنا فاهمة بس حسيت بشوية خوف وقلق أو هما كانوا موجودين من الأول
- من إيه ؟
- مش عارفة برضه ، يمكن من التجربة ويمكن من اللي جاي ويمكن خايفة أوي إني انجرح أو أطلع لفوق أوي وانزل على جدور رقبتي
- أنا فاهم إحساسك وشايف كمان إنه شعور طبيعي أوي مع كل تجربة جديدة بنخوضها ، والشعور ده بيزيد كل ما أهمية التجربة نفسها بتزيد ، بس مهم إن ده ميزدش عن حده أو يمنعنا إننا نلمس السما بإدينا
- أيوة بس ...
- مفيهاش بس ، ريم انتِ دلوقتي في سنة رابعة .. وهو كمان ، مهم إن إيدكم تفضل في إيد بعض وانتوا بتبنوا حياتكم ومستقبلكم .. "إيدين بتحضن إيدين تحيي اللي مات من سنين" زي ما قال منير ، وحتى لو محصلش .. مش هتكون نهاية دنيا قد ما هتكون بداية تانية .. بداية جت بعد ما تجربة زي دي بَنِت جوا كل حد فيكم حاجة وفتحت بيبان جوا روحكم
" وسمعت ناس بتقول ده كاس
داير وباب دنيا انفتح "
- بس لو ده حصل أكيد هيجرح
- إحنا ليه بنفكر في الوحش قبل الحلو ، عموماً حتى لو كان فالجرح بيعلم زي ما بقولك دايماً
- ....
- متبوخيش إحساسك بقى .. عيشي فرحتك وجمالها وفكري في مستقبل متلوَّن بالأخضر
- من حقنا نحلم
- أهو كده حضرتك ابتديتي تتعلمي مني
وبعدين لما اتنين بيقولوا إحنا لبعض يا أستاذة ...
- :)
- كملي يا بتاعة شاهين
- مبيقولهاش وهما ناويين يأجلوها لحد ما يعجزوا
- إحنا لبعض ...
- يعني دلوقتي الآن حالاً فوراً
" أعمل حجاب أقرا الكتاب
ألقاه يقول السهم طاب
لازم خلاص قلبي انجرح "
- صح كده ، ممكن دلوقتي أبقى مطَّمَّن عليكِ وأقول إني عرفت أربَّي
- :)
- بس ، امسكي في الابتسامة دي
" وبموكبي حبي انطوى
لازم دهو اللي اسمه الهوى "
28 يناير 2008
In the Mood for Love
14 يناير 2008
خواطر حول الجولدن جلوب

بعد عدَّة عقود .. قد تكون هذه الدورة هي أشهر دورات جائزة الكرة الذهبية
صحيح أنَّها افتقدت هذا العام لبريقها وتميزها بالنسبة للفائزين وللمشاهدين على حدًّ سواء نظراً لعدم إقامة حفلها السنوي ، إلاَّ أن كونها المرة الأولى – والوحيدة كذلك - التي يلغى فيها الحدث السينمائي الثاني من حيثُ الأهمية والزخم الإعلامي – بعد الأوسكار – مُنذُ إنشاء الجائزة عام 1944 سيجعلها بالفعل دورة لا تُنسى ..
السبب المباشر لإلغاء الحفل – بل واحتمالية قائمة في إلغاء حفل الأوسكار القادم - يتعلَّق بإضراب أعضاء نقابة الكتاب السينمائيين في هوليوود .. الأمر الذي جعل زملاءهم الممثلون يتضامنوا مع مطالبهم ، تلك المطالب التي تتمثل في زيادة أجورهم باعتبارهم الفئة الأقل تقديراً وسط منتجي وممثلي ومخرجي هوليوود ، الأفلام تعرض في دور السينما .. الأفلام تباع على الديفيدي .. يربح المنتجون من الإعلانات واللقاءات بل ومن طرق كثيرة أخرى .. الكُتَّاب يرون أن نصيبهم النهائي من الأمر لا يقارن أبداً بحجم الربح لذلك كان لهم مطالبهم العادلة التي أضربوا بسببها ..
والحل بسيط وهو تنفيذ تلك المطالب .. إلا أن الأمر يمكن رؤيته بشكل آخر : منتجي هوليوود لن يتراجعوا ويقبلوا طلبات يرون أنها مغالى فيها من أجل حفنة من الكتاب ، ولكن تضامن أعضاء نقابة الممثلين وقرارهم بعدم حضور الحفل وضع الجميع في ورطة ، هؤلاء في الحقيقة هم من يحقق الزخم الإعلامي للحفل بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. غيابهم يعني غياب الحفل بكامله ، لذلك كان قرار إلغاء تلك الدورة وإعلان النتائج في مؤتمر صحفي عُقِد بالأمس – 13 يناير – وتكبد منتجي الحفل خسائر تقدر بملايين الدولارات نظير هذا الإلغاء الاضطراري ..
السؤال الأهم من كل هذا هو تأثير ذلك على حفل الأوسكار وهل من الممكن إلغاءه كذلك ؟؟
لا أحد يعرف .. فعلياً هناك تصميم من جانب المشرفين على الحفل إقامته أيًّ كان الوضع لأن إلغاءه سيسبب خسائر تزيد عن المائة مليون دولار ، ولكن هناك صعوبة كبيرة في إقامة الحفل إذا استمر الإضراب والتضامن من الممثلين – وهم الفئة الأهم إعلامياً في هوليوود - خصوصاً مع تهديد الكتاب بأن يكون اعتصامهم أمام مسرح كوداك نفسه ..
الأوسكار ليس مجرد جائزة فنية هامة وقيمة هي بالتأكيد الأكثر شهرة إعلامية على مستوى العالم ، هيَ كذلك جائزة يدخل في حفلها السنوى الكثير من الأمور التجارية والمادية .. لذلك من الصعب تصور إلغاءها .. "فالحرب العالمية الثانية نفسها لم تستطع ذلك" كما علق ريتشارد هاريسون أحد المشرفين على الحفل ..
بعيداً عن أزمة النقابة وإلغاء الحفل أتت النتائج مفاجأة في الكثير من جوانبها .. وإن كانت جميعها تحتمل المنطق كذلك ..
"لا بلد للعجائز" .. عمل الأخوين كوين الأخير الذي غدا أهم عمل هوليودي لهذا العام .. فهو العمل الأكثر حظاً في موسم الجوائز والأكثر مديحاً من الجانب النقدي كذلك ، هذا العمل كان المرشح الأول لحصد جوائز الحفل الأهم – شخصياً توقعت ذلك بالفعل - : أفضل فيلم درامي .. أفضل مخرج .. أفضل سيناريو .. إضافة إلى أفضل ممثل مساعد لأداء خافيير برديم العظيم في العمل ، فاز العمل بأفضل سيناريو وأفضل ممثل مساعد وخسر الجائزيتين الأخريتين ..
مفاجأة بالتأكيد إلا أن بعض النظر في الأمر سيجعل الصورة أكثر وضوحاً
الأخوين كوين وفيلمها كانا الأقرب بالفعل – وحتى الآن هما الأقرب من جائزة الأوسكار – إلاَّ أن قربهما هذا لا يعني أبداً حسم الأمر خصوصاً مع منافسين كـ "أتونمينت" كفيلم .. و"جوليان شنابل" كمخرج ..
جوليان شنابل لم أتوقع فوزه قبل إعلان الجائزة بل ووضعته رابعاً – بعد كوين .. سكوت .. جو رايت - .. إلا أنه لا يمكن نسيان أن هذا الرجل حصد على جائزة الإخراج في مهرجان كان عن عمل شديد الشاعرية والدقة والجمال الإخراجي ، نفس ذات العمل الذي فاز هنا بجائزة أفضل فيلم أجنبي ، عمل من النسق الذي تفضله هوليود من السينما القادمة من خارجها .. صورة سينمائية جميلة مع فكر فلسفي عالي المستوى يطرح تساؤلات هامة عن الحياة والموت – نفس الصفات التي أكسبت عمل أليخاندرو أمينبار الأوسكار والجولدن جلوب منذ ثلاث سنوات - ، هذا الفوز وإن كان مفاجئ إلا أنه في الحقيقة له الكثير من الأبعاد المنطقية ..
فئة أفضل فيلم أجنبي شديدة الإثارة هذا العام أكثر من أي فئة أخرى .. أعمال لأنج لي – الفائز بالأوسكار قبل عامين فقط – والمخضرم مارك فورستر .. والفيلمين القادمين بحظوة نقدية وتكريم بالجائزتين الأهم في كان "بيرسوبليس .. و4 شهور ، 3 أسابيع ، يومين" ، منافسة قوية لم يكن من الممكن حسمها نهائياً .. إلا أنَّ الغريب حقاً أنَّ أيًّ من الأفلام الخمسة لن يتواجد ضمن ترشيحات الأوسكار المقبلة بعد خلو قائمة العشرة المبدئية منهم !
في الفئات التمثيلية كل شيء يبدو منطقياً : خافيير برديم – أفضل أداء في جميع الفئات من وجهه نظري – بأداءه الجبار لشخصية شوغر في رائعة الأخوين كوين يجعل من تتويجه بالأوسكار مسألة وقت ليس أكثر .. فوز سهل .. منطقي .. متوقع بشدة .. وأداء عظيم لشخصية لن تنسى اعتبرها الكثيرين – وأنا منهم – أهم شخصية شريرة ظهرت على الشاشة منذ د.هانيبال ليكتر .. شخصية هوبكنز الخالدة ، الأسترالية كيت بلانشيت : النجمة الهوليودية الأنجح والأكثر تقديراً الآن – مع البريطانية العظيمة كيت وينسلت – قريبة مرة أخرى من أوسكارها المساعد الثاني خلال ثلاث سنوات فقط ، ستواجه منافسة صعبة من أمي راين .. إلا أنه "الأداء الأفضل لشخصية بوب ديلان في فيلم ضم ستة ممثلين أدوا دوره" وكونه غير اعتيادي على الإطلاق – امرأة تقوم بدور رجل .. وليسَ أي رجل كذلك ! – يجعله بلانشيت في المقدمة ، تتويج متوقع كذلك لماريون كوتلرد وجولي كريستي في فئتي أفضل ممثلة – لفيلم درامي وفيلم موسيقي - .. مواجهتهما في حفل الأوسكار القادم ستكون المواجهة التمثيلية الأشد إثارة بالتأكيد باعتبارهما يملكان نفس الحظوظ .. ربما البافتا وجائزة نقابة الممثلين يفضا الاشتباك قبل الرابع والعشرين من فبراير القادم وإن كنت لا أعتقد ذلك ، في فئتي أفضل ممثل لدور درامي وموسيقي نتائج أسعدتني بشدة – ربما أكثر من أي شيء آخر هنا - : جوني ديب : أخيراً ! ومع تيم بيرتن بالطبع ، والمخضرم العظيم – ربما ممثلي السينمائي المفضل بعد مارلون براندو وجيمس ستيوارت – دانيل داي لويس بعد غياب خمس سنوات منذ رائعة سكورسيزي "عصابات نيويورك" والعودة تلك المرة مع ألفة هذا الجيل من المخرجين في نظري بول توماس أندرسون بتتويج هو الأول له في الجولدن جلوب وتتويج آخر سيصبح الثاني – إن حدث – في مسرح كوداك الشهر القادم ولا يقف في طريقه سوى جورج كلوني لآداءه المُقَدَّر في فيلم "مايكل كلايتون" ، وإن كان لويس أقرب بحطوات ..
أخيراً
عمل تيم بيرتن الأخير "سويني تود" يربح سباق أفضل فيلم موسيقي أو كوميدي متخطياً "جونو" ذا الثناء النقدي الكبير ، أتمنى أن يكون هذا الفوز خطوة – لا أتوقعها – نحو المقاعد الخمس لأفضل فيلم في حفل الأوسكار القادم ..
وجو رايت يحققها ويربح الجائزة بعمل ملحمي .. جميل .. كبير وضخم ، ربما لا يمثل أي فيلم من أفلام العام خطراً على تتويج "لا بلد للعجائز" كأفضل أفلام العام سوى أتونمينت لجو رايت ، عمل رومانسي كبير عدة الكثير من النقاد الأفضل في الألفية .. عمل مناسب أوسكارياً وله حظوظ في الكثير من الفئات .. عمل حربي ذا أبعاد ملحمية وهو نوع تفضله الأكاديمية كثيراً ، لازلت أرى أن "لا بلد للعجائز" هو الأقرب من أن يصبح فيلم العام .. إلا أن خطورة أتونمينت واحتمالية تتويجه كبيرة ولا يمكن إنكارها .. لسبب بسيط أن نفس تلك الأسباب – القصة الرومانسية ذات البعد الملحمي – حددت مسار الجائزة عام 1996 بذهابها إلى "المريض الإنجليزي" بل وأمام الأخوين كوين نفسيهما بفيلم حاز نفس القبول النقدي ونفس احتمالية الفوز التي يحوزها فيلمها الأخير ! ، مما يجعل من هاجس وصول أتونمينت لكبرى الجوائز الهوليودية واقعاً لا يمكن إنكاره ..
يبدو لي الأمر أحياناً وكأنَّ متابعة نتاج الكعكة الهوليودية في النهاية متعة لا تقل عن مشاهدة أفلام العام ذاتها .. مازال هناك الكثير من المحطات الهامة في موسم الجوائز .. جوائز النقابات المهنية والبافتا البريطانية قد تحدد أكثر بوصلة حفل الأوسكار القادم الذي تزداد إثارته مع أخبار إضراب الكتاب وتضامن الممثلين معهم ..
أما عن الجولدن جلوب هذا العام .. فمجملاً : نتائج مرضية في دورة لن تنسى
خواطر في ذكرى ميلاد عبد الناصر
الأول: أنه انتبه إلي أهمية المسألة الاجتماعية ليس بوصفها مطلبا تمليه ضرورات العدل والإنصاف فقط، وإنما باعتبارها أيضا حاجة ملحة تفرضها ضرورات التنمية والتحديث، لأنه لا يمكن لشعب أن ينهض ويبني دولة قوية إذا كانت أغلبيته الساحقة مسحوقة ومهمشة
د. حسن نافعة
في مقاله الأسبوعي - جريدة المصري اليوم
---
كان عارف المجد لا الأحجار ولا التماثيل
فؤاد حدَّاد
قصيدة "مصر وجمال"
ديوان "استشهاد جمال عبد الناصر"
07 يناير 2008
في ذكرى موقعة السابع من يناير المجيدة
اليوم : السابع من يناير 2007
الحدث : مباراة الأهلي والإسماعيلي
المكان : استاد القاهرة الدولي حيث يلعب الأهلي وسط جماهيره
الإنجاز : اتفرح يا معلم
أقول قولي هذا وأردد :
الله
الوطن
الإسماعيلي
20 ديسمبر 2007
الآلهة لا تُخرج أفلاماً مثل هي فوضى
10 ديسمبر 2007
يا طير يا حالم في الهوى
يا طير يا حالم في الهوى
تطوي الجناح على الجراح
تطوي الجناح على اللي راح
واضحك !
ويلا نطير سوا

لإني ملقتش إجابة عن السؤال السخيف ده قررت إن الكلام هو اللي يرسيني مش أنا اللي أرسيه !
صورة الطفلة اللي فوق دي فضلت لفترة على الديسكتوب بتاعي من غير ما أعرف هي بتاعة مين ، جاتني عن طريق واحد صاحبي بعت لي ملف فيه صور أطفال عشان عارف إني بحب الصور دي وعرفت بعد كده إنها صور أعضاء منتدى إنترنت وهما صغيرين ، كان منهم صورتين حسيت فيهم بإحساسين غير بعض .. الأولى كانت صورة طفل بيضحك أوي ، التانية كانت للطفلة اللي فوق وكانت باسم "دريمنج بيرد" .. مش هحاول أأول نظرة العين لحاجات أنا شايفها في الطفلة دي لما كبرت ، أنا بس هقول إن عوضاً عن إحساس البراءة الواضح في الصورة .. فيه إحساس تاني بالحزن في نظرة العين بس مع كده فيه إرادة أو قرار .. تصميم .. أيًّ كان المسمَّى ..
كل اللي عايشين من البشر من حقهم
يقفوا ويكملوا .. يمشوا ويتكعبلوا
ويتوهوا أو يوصلوا
وإذا كنا مش قادرين نكون زيهم
نتأمل الأحوال ونوزن الأفعال
يمكن إذا صدقنا نمشي في صفهم
يوم 24 توفمبر لما استلمنا نسخ الديوان من الناشر – ياسمين ونورا وأنا – كانت حاجة أبعد من الكلام فعلاً
سيبك من تميز اليوم نفسه على أكتر من مستوى .. سيبك من كلمة يوسف إدريس اللي قلهالي الصبح وشكلت باقي اليوم .. سيبك من إنه عيد ميلاد أحمد .. سيبك من إيميل أمنية وكونه برضه عيد ميلاد أولادها .. سيبك حتى من القمر اللي كان كامل وإحنا التلاتة مع بعض وقد إيه إيدنا كانت مشبَّكَة والتفاصيل الجميلة أوي والبسيطة أوي اللي جمعتنا في اليوم ده ..
تعالى لفكرة إن ( حلم ) من الأحلام اتحقق
فاهم فعلاً أنا بتكلم عن إيه ؟؟
حلم مهم .. بقى حقيقة
الفكرة أبعد من إن كلامها بقى على ورق وأبعد من محاولتها هيَّ فلسفة تميز الأمر في إنها بقت قادرة تكون مع كل حد – وأي حد – وتقوله كلامها دايماً عن طريق وسيلة تواصل زي الكتاب ..
الفكرة أبعد من كده .. الفكرة ببساطة في تحقيق الحلم نفسه
حلمها هيَّ بإن كلامها يطلع للنور .. حلمها اللي أصبح ( حلمنا ) فيها إحنا كمان إن ده يحصل ، أحلامنا كلنا اللي بقى ليها سند حقيقي إننا ( هنوصل ) !
هل أنا كمان بفلسف الأمر ؟؟
لأ دي مش فلسفة أبداً
وقتها حسيت فعلاً بلحظة انتصار إنسانية لينا كلنا .. كلمة ( هنوصل ) اتكتبت بخبوط من نور على صفحة السما الزرقا والقمر كان كامل وشاهد : هنوصل مهما كانت الرحلة صعبة أو مزعجة .. مهما اتكعبلنا أو اتعورنا .. بس هنقوم ونكمل لإن في حاجة أبعد مننا بتحركنا .. حاجة خاصة ببديهية الحياة الكبرى إننا لازم نكمل .. سواء وصلنا أو لأ هنكتشف في آخر الرحلة إننا كنا أجمل ما فيها .. كنا ندى الأحلام اللي بيروي نبات الأيام
بعيداً حتى عن فكرة الوصول والأحلام اللي بتتحقق ، يوم زي ده خلق جوايا نور حقيقي وخلاني أؤمن ببديهياتي – وخزعبلاتي – اللي أنا مصدقها بشكل أكبر
حسيت وقتها إن الحب والخير والمحبة اللي بينا .. مش بس بتحلي الحياة وتهونها .. لكن كمان بتغسلنا من جوا .. بتخلينا قادرين نحب أكتر .. ونسامح أكتر
كان نفسي أكتب عن كل ده في وقته وأدي يوم زي ده حقه ، بس وقتها بعت لأمنية – زي أختي الكبيرة وحد من أقرب الناس ليَّ رغم البعد والسفر والغربة – إيميل حكيت فيه عن تفاصيل مكنتش حتى هحكيها هنا ، ولإن الغاية الأساسية كان تخليد اليوم والإيميل حقق ده .. مكنش فيه داعي أكتب هنا وإن فضل جوايا رغبة الكتابة ..
نرجع لياسمين اللي يومها بعتت عشان تقول إنها حست زي الطفل الصغير اللي بينطق أول كلمة قدام ناس هيسمعوها ويحسوها وأعتقد إن مفيش تشبيه أجمل من ده يوصف إحساسها ..
ليه منكونش ذكرى في الليلة الجميلة
ليه منكونش غنوة في الرحلة الطويلة
لو نروق هيجينا كل ما اتمنينا
على قد ما حبينا وتعبنا في لبالينا
الفرحة في مشوارنا تاني هتنتادينا
يوم 6 – 12 كانت حفلة التوقيع بتاعة كتاب ياسمين
خدت بالي دلوقتي بس إني مش عملت أي بوست عن حفلة التوقيع أو عن نزول الكتاب أو أي حركة يعني ! .. السخيف إن هي أكيد كانت مستنية ده .. ومجاش !
من الجيد إني ألاقي أسباب – حتى لو بدت غير منطقية – وأقول إني فعلاً كنت مبسوط أكتر من إني أعمل إعلان تقليدي أقولها مبروك يا ياسمين ومش عارف إيه ! ولإن اللي بينا كمان أكبر من ده ، بس حاسس دلوقتي إنه حتى لو كان تقليدي كان المفروض يحصل ..
مش كل حاجة تقليدية بتكون غير قابلة للاستخدام
بدليل إني دلوقتي حالاً هوصف ياسمين يوم حفلة التوقيع وأقول إنها كانت زي "العروسة" رغم إنه تشبيه تقليدي جداً !
بس ياسمين فعلاً كانت زي العروسة .. عروسة النيل زي أول كلمة قلتهالها لما كلمتها بعد الحفلة بالليل ، عروسة نيل رغم التوتر واللخبطة وشعورها إنها كان ممكن تأدي بشكل أحسن .. عروسة نيل لدرجة إني شفت ضرورة ملحة – وإن كانت محصلتش ! - بعد زغرودة سلمى إننا نغني لها الكوبلية التاني من الأغنية "إحنا يا عروسة "صحابك" .. تكتبي نقرا كتابك .. تتعبي بنشيل عذابك .. تؤمري بنكون جوابك .. وإحنا صافيين زيك انتِ .. وانتِ دايماً باقية انتِ .. طاهرة زي الشمس صافية زينا .. يا عروسة النيل يا حتة من السما"
وطبعاً من حقي أغير كلمة شبابك وأشيل "تعيشي يا مصرنا" من الآخر عشان الكوبليه يكون مناسب !
كنت سعيد جداً يومها
قبل ما أروح الحفلة بدقايق كنت بقرا في رواية الساعات لمايكل كانجهام وعلَّمت على جملة شفت إنها بتختصر الرواية – والفيلم اللي اتاخد عنها - .. بس الأهم إننا بتختصرنا ( إحنا ) وكل اللي بنمر بيه :
لو لم يكن حبنا للحياة فلماذا كنا سنناضل لنواصل حياتنا مهما تنازلنا ومهما لحقنا الأذى ؟؟
ولما حضرت حفلة التوقيع ومشيت كان عندي سبب تاني بيخلينا نكمل .. إن الحياة كمان بتحبنا زي ما إحنا بنحبها حتى لو كانت في بعض الأوقات صعبة وسخيفة ومستعصية .. بس قد إيه بتكون كريمة معانا في لحظات صدق وجمال بنعيشها ..
كنت سعيد جداً يومها
جايز عشان كان لازم كلنا نكون مبسوطين بجد !
فرحت عشان فيه ناس كان يهم ياسمين إنهم يحضروا وحضروا فعلاً .. حتى لو بعضهم معرفهمش بس اتبسطت بحضورهم لإنها كانت عايزة ده
فرحت لوجود ناس قريبين مني وبحبهم جداً جنبي في يوم زي ده بناءً على دعوة من ياسمين ويمكن كان أهمهم بالنسبة لي حضور والدتي وإكرام – والدتي التانية تقريباً – رغم مشغوليتهم بس رفضوا يعتذروا عشان وعدوا ياسمين إنهم جايين ..
فرحت جداً إني كسبت رهاني معاها – وإن كنت لسه محكمتش عليها بجزاء - وباباها ومامتها وإخواتها حضروا حفلة التوقيع بفرحة قد فرحتنا كلنا لإن دي لحظة ( فخر ) وانتصار ليهم قبل أي حد ، إنك تقف كده قدام مرايتك وتقول إن عمرك اللي فات واللي جاي مضعش وكانت أهم نتاج ليه بنتك اللي انتَ شايفها بتحقق نجاح حقيقي كل الناس دي بتشاركها فيه وجايين عشانه ، نظرات باباها وفرحة مامتها اللي مبطلتش تصوير وإحساسها هي إنهم جنبها – حتى لو ادعت غير ذلك ! – كانت من أميز ما في اليوم .. حاجات بتخليني أبتسم وأقول : رائع !
بس جايز أكتر حاجة فرحتني فعلاً – زي ما قلت لنورا يومها – إني أشوف كل الناس الموجودة دي وفي عينهم كل الحب ده ناحية حد بحبه .. ده أكتر شيء ساحر في اليوم
لما كلمت ياسمين بعد الحفلة سألتها تفتكري حتحور كانت واقفة فين ؟!
أعتقد إن حتحور يومها كانت ورا كل واحد فينا .. جايز جواه
سيب اللي يكره يكره وانتَ احلم ببكرة
مع إنه لسه مجاش !
مهما تحاصرك همومك ويلومك إيه يلومك
لأ متعشهاش بلاش
لسه الورود بتشق براعيمها
والفرحة بتلاعب نسايمها
ونخاف من بكرة ليه مين عارف بكرة إيه ؟؟
الطفلة اللي حطيت صورتها على كمبيوتري قبل ما أعرفها كبرت !
بس نظرة العين فضلت واحدة
اللي حصل بس إن كل حاجة كبرت معاها .. أحلامها .. اصرارها .. حزنها .. خوفها .. أخطاءها وخطاياها ..
بس اللي أنا مؤمن بيه إن روحها اللي جوا لسه زي ما هيَّ .. زي نظرة العين بالظبط
وأنا بكتب البوست ده ياسمين مش في الموود اللي خلقه اليوم
أنا كمان مش في نفس الحالة اللي حكيت عنها في كل الرغي اللي فوق ده
وكويس إني أكتب عن اليوم في حالة غير اللي خلقها جوانا عشان فيه حاجة مهمة كنت عايز أعملها وأقولها وأنا بكتب عنه ولو موصلتش فممكن أقولها هنا بشكل مباشر :
إن أيام زي دي بالنسبة لكل اللي بتعنيهم مش مجرد فرح لحظي ممكن نتخطاه بسهولة في لعبة الحياة ، هي أيام بتخلق إيمان جوانا .. إننا ممكن نتعب ونتكعبل ونقع بس بنرتكن دايماً على الساعات المميزة دي .. اللي بتفضل ذكريات منوَّرة جوانا .. ذكريات تقوينا .. تسندنا .. تلونلنا حياتنا باللون الأخضر .. دايماً
هحكيلكم حكاية حكيتها لياسمين قبل كده ولسه قايلها لنورا تاني من يومين :
ذات مرَّة .. قابلتُ ساحرةً مِن ساحراتِ القُرُونِ الوسطى .. كانت الليلة هيَ الرابعةِ عشر في الشهرِ العربي .. ونور القمر الكامل لا يكفي لإضاءة أزهار الروح المُعتمة ، وقتها جاءت بكاملِ بهاءها وفي كل لحظة كانت تضيء بعصاها السحرية رُكنَاً من أركانِ العالم ، لو لم أكن أُدرك أسطورية ما أنا فيه لظننت نفسي في أسطورة ! ، ذَهَبَت مع ذهاب القمر بعد أن تركته دائماً في الطريق وحينما أخبرتها " من أينَ أتيتي بكل ذلكَ السحرِ ؟!" أخبرتني بابتسامة الساحرات "لم أَتي بشيئاً : الفكرة يا محمَّد مش في السحر .. السحر موجود دايماً ، الفكرة في اللي بيتذوقوا السحر" .. وقبل حُلكة الليل شديدة العتمة التي تسبق شروق الشمسِ المنذرة بيومٍ جديد .. وحلمٌ جديد أتى صوتها مُدَوَّياً وكإنه قادماً من روحِ العالم : "إحنا السحر الموجود في الدُّنيا"
إحنا السحر الموجود في الدنيا يا ياسمين
صحيح إن ساعات نتوه في العاتمة وساعات نتوه في النور
بس طول ما إحنا موجودين .. إيمانا بينا – وبالتالي بالسحر وبالحياة نفسها – لازم يكون موجود رغم كل الجروح
جايز عشان ببساطة :
كل الجروح ليها دوا يا طير يا حالم في الهوى

ويلا نطير سوا
21 نوفمبر 2007
لــــب الخيــــال
"طريقُ الرجل الطيَّب محاصر من جميع الجهات بظلمِ واستبدادِ الرجل الشرير ، باسم المحبة والخير والإرادة الحسنة .. سأرعى الضعيف في وادي الظلمات"
اكتشفتُ بدهشة – وكأنني أعرف للمرة الأولى – أن كل قصة يمكن أن تروى بأشكالٍ مختلفة .. تقلبها رأساً على عقب !
يعرف هؤلاء الذين يقع مكان سكنهم .. عملهم .. أو سكن أحد أقربائهم بين إمبابة والجيزة هذا الميني باس الشهير الذي يصل بين المنطقتين ، أسكنُ أنا في المنتصف تقريباً .. عند تلك المنطقة التي يرمز لها بميدان لبنان ..
بالأمسِ كنتُ ذاهباً إلى صديقٍ لي في الجيزة .. وكاختيار بديهي ركبتُ أحد هذه الميني باصات ..
في فترة الظهيرة .. من الجيد أن تجد مكان تطأ فيه قدمك عوضاً عن طموحك المشروع بالجلوس ، ركبتُ أحدهم .. وقفتُ في بداية العربة ممسكاً كالعادة بالميدالية .. الموبايل .. كيس المناديل ، عند أرض اللواء ينزل العديدين ويركب آخرين .. يتبدلون ومع ذلك تبقى نفس الملامح والوجوه ، في ثواني أصبح هناك العديد من الكراسي الفارغة في مؤخرة العربة .. في ثواني ستمتلئ ، لذلك فقد اتخذتُ خطواتاً متعجلة للجلوس في كرسي مفضل في آخرها بعيداً عن مناوشات المقدمة المعتادة على فراغات تكفي لوضع قدمين – و ربما واحدة - ..
لا أعرف تحديداً ماذا حدث .. فقط أثناء مروري كان هناك سيدة عجوز تجلس على كرسي الخارجي .. بيدها كيس كبير به "رقاق" نصفه بالطرقة والنصف الآخر تضعه على قدميها .. بدا أن هناك مسافة كافية لمروري دون الاحتكاك بكيس الرقاق هذا .. إلا أنها صرخت بضجر :
- حاسب حاسب هتكسره هتكسره
- ما هو ...
- طب عدَّي بقى .. عدَّي
نطقت الجملة الأخيرة بتأفف واضح .. ربما مهين كذلك ، شعرتُ بتلك الصفة الأخيرة - بعد مروري وجلوسي بهدوء ودون رد - من خلال تلك الحسناء التي تجلس أمامي والتي رمقتني بطرفِ عينيها بإشارة بدت تنمُ عن شيء من قبيل : انتَ مش هترد عليها بروح أمها ؟؟!
ابتلعتُ الغضب بداخلي وحولت نظراتي بين الخارج حيناً وبين السيدة العجوز حيناً آخر .. لم أدقق النظر كثيراً في ملامحها فجميعهم يملكون نفس الملامح المُرهَقَة التي حفر الزمن لنفسه مملكتاً فيها .. نفس الأشكال بالفعل .. حتى بحبات العرق الدقيق التي تبرز على الوجه أيًّ كان الجو – صيفاً كان أو شتاء - .. والطرحة السوداء الرخيصة الموضوعة بغير عناية ولا اكتراث بما تخفيه – وما تظهره – من شعر .. والجلباب – الأسود دائماً - المُبَقَّع المثقوب من أسفل ويظهر تحته جلباباً أحمر اللون لا يقل رخصاً ولكنه يتكاتف مع أخيه لحمابتها من برد الشتاء .. تمسك كيس الرقاق هذا باصرار طفل يرضع في ثدي والدته بعد جوع ..
لم يكن الاهتمام بتلك التفاصيل منبعه النية المسبقة لما أكتبه الآن .. إطلاقاً ، فهذا لم يدر بذهني فالأمر حتى الآن عادي جداً .. نمر به جميعاً ولا يثير الاهتمام ..
لكن منبع الاهتمام بدأ من محاولة الوصول لأن ما فعلته كان الصواب .. وأنه – وإن كان كوَّن بعض الغضب – التصرف المناسب والسليم في حالة مثل تلك ، أنها ببساطة من هؤلاء الذين نسميهم ( شلق ) ونتحدث عنها على القهاوي بابتسامة عريضة باعتبارهم ( عالم ولاد كلب ) ، ما الذي يدخلني معها في صراع فارغ ؟؟ .. بل أن تصرفي يملك بعداً يجعل مني المؤدب الهادئ الذي اختار عدم الرد على امرأة في سن جدته برغم قلة زوقها ..
برغم الغضب .. فإنَّ مشاهدة الأمر بتلك الصورة كان مرضياً إلى حدًّ بعيد ..
إلاَّ أن شيء ما تحرك داخلي يليق بمن قرأ روايتي فيكتور هوجو "البؤساء وأحدب نوتردام" في سن الثالثة عشر وأعادهما منذ عدة أسابيع خارجاً بقناعة أن كل منا لديه منطلق واضح فيما يفعله .. لديه خير حقيقي بداخله حتى لو توارى وراء قناعات ترابية من العنف والشر والأنانية والقبح ..
حاولت جعل الأمر أكثر عمقاً من تلك السذاجة التي طرحتها بالأعلى :
بالنسبةِ لي : كان هناك مسافة كافية لمروري دون إحداث أي كسر بكيس الرقاق مما يجعل تصرف العجوز غير مهذب على الإطلاق .. ويجعلها – منطقياً – "ست شلق" ..
بالنسبة لها : فالأمر مختلف تماماً ، فما أنا إلا "شاب سيس" من هؤلاء الذين تراهم كثيراً .. لا يعلمون أي شيء عن قسوة الحياة ، يكتفي الواحد منهم بكونه يمسك تليفوناً أحضره البابا .. ومناديل يجففُ بها عرقه الثمين متأففاً من أمثالها من الذين تسبقهم رائحتهم ولا يمنعها مُذيل عرق مميز كذلك الذي يستخدمه ..
بالنسبة لي : كان المرور غاية .. المسافة كافية .. وحدوث خطأ ما يؤدي إلى كسر الرقاق ليسَ بذات الأهمية ويمكن محوه باعتذار مبتسم ..
بالنسبة لها : فحماية الرقاق هي الغاية الأهم .. الغاية الأسمى التي تعلو حتى على مشاعر أفندي لطيف مثلي – هكذا كنتُ سأوصف في مشهد مثل هذا برواية ليحيى حقي أوطه حسين ! - ، وحدوث خطأ ما يعني ضياع قوت يوم كامل .. أتدري ؟؟ يوم كامل قد يكفله هذا الكيس ، ولا معنى لهراء الاعتذار المبتسم هنا .. فالأمر أكثر جدية ، فعلى ماذا ستخاف وتصبح شرسه إذا لم تخف على طعامها وطعام أولادها من شخص لا يدرك شيء من كل هذا ؟؟
كان من الممكن أن ينتهي الأمر هنا أيضاً برؤيتي منطلقات كل منا ..
إلا أن هذا غيرُ مرضي !
فقد خرجت هي بالرقاق سليم .. ومع ذلك فقد خلفت لي الغضب وربما الإهانة ..
شعرتُ حينها بأن الأمر غير عادل
وحاولت إعادة تشكيل المشهد بأشكالٍ أخرى متاحة
"طريقُ الرجل الطيَّب محاصر من جميع الجهات بظلمِ واستبدادِ الرجل الشرير ، باسم المحبة والخير والإرادة الحسنة .. سأرعى الضعيف في وادي الظلمات"
1
- حاسب حاسب هتكسره هتكسره
- ما هو ...
- طب عدَّي بقى .. عدَّي
لأكن أنا الرجل الطيب .. وهي الرجل الشرير .. وهدوءي وتصرفي بحنكة هو الراعي الذي يحميني في الوادي ..
أمر في تلك الحالة بهدوء وسلام نفسي مقتنعاً تماماً بأن هذا هو الصواب وأن حقي لابد أن يعود عن طريق رجل أشر سيقابلها في الوادي .. مبتسماً لأنني قد مررت بسلام وأن الراعي لم يخذلني
2
تبعاً لنظرية يبدو أن رامز الشرقاوي مقتنعاً بها فإن مأساة البشر الحقيقية تنبع من كونهم "أولاد كلب" ، وإذا هوهوت الكلاب .. فليسَ على الذئابِ حرج
- حاسب حاسب هتكسره هتكسره
- ما هو ...
- طب عدَّي بقى .. عدَّي
لتكن هي الرجل الطيب .. وأنا الرجل الشرير ..
- جرى إيه يا ست انتِ ما تحترمي نفسك وتتكلمي عدل ، انتِ حد دسلك على طرف
- كنت هتكسر الرقاق يا ***
- تصدقي إنك **** ، رقاق إيه وزفت إيه ، آدي الرقاق اللي خايفة عليه يمكن تتربي
وأهشم بساعدي كيس الرقاق كما يليقُ تماماً برجل شرير ..
وليكن الناس في تلك الحالة هم الراعي لها في الوادي من الأشرار مثلي
يتدخل ركاب العربة الذين لم يرضهم أن أقوم بسب عجوز في سنَّ جدتي وأكسر رقاقها .. ولكن نظراً لعلامات الشر والصياعة التي بدت على وجهي لم يجرؤ أيًّ منهم على الاحتكاك بي ، فقط قاموا بمواساة المرأة ومسح دموعها .. وأمام قسمي الواضح بعدم دفع أي مال لها كتعويض لما تعرضت له من أذية .. وأمام تقطع جملها اللاهثة " لازم ابن الكلب ده يديني فلوس الزفت اللي كسره ، دي مش عشاني يا ناس دي عشان العيال اللي مستنيين في البيت لقمة يتسمموها ، إن شالله يا رب تخدني وتريحني من العيشة الزفت والقرف اللي إحنا فيه ده" ، لم يجدوا بديلاً عن التجميع من بعضهم البعض لإعطائها أي شيء وجعلها تترك العربة حتى لا تستمر المشادة .. وهو ما حدث بالفعل ..
تركت العجوز العربة تسبقها دموعها وقولها المسموع "حسبي الله ونعم الوكيل" ، وجلستُ أنا بجانب الحسناء وعلى ملامحي نشوة الانتصار .. نظرتُ لها بطرف عيني مطلقاً بصوت واضح "عالم ولاد كلب لازم ياخدوا بالجزمة" .. وهو ما أكدته بهز رأسها لأسفل ولأعلى ، مما جعل الأمر برمته مقدمة لبدءِ حديث لم يسعفني خيالي في التفكير إلى أين سينتهي ؟! .. فكر أنتَ !
تصرفت السيدة بما يليق ( برجلٍ طيب ) .. وتصرفتُ أنا كما يليق – تماماً – بالرجل الشرير .. وكانت الانفعالات المحيطة جميعها هي الراعي كما يجب أن يكون ..
****
إلاَّ أنني لم أرضَ أبداً عن كلا الرؤيتين !
****
3
تبعاً لنظرية يبدو أن رامز الشرقاوي مقتنعاً بها فإن مأساة البشر الحقيقة تنبع من كونهم "أولاد كلب" ، وهذا هراء لا أقتنع به على الإطلاق – كما يليق بشخص عرف بؤساء فيكتور هوجو وأحدبه في الثالثة عشر من عمره ! -
- حاسب حاسب هتكسره هتكسره
- ما هو ...
- طب عدَّي بقى .. عدَّي
لأكن أنا وهي .. هؤلاء الجالسين في العربة والسائرين خارجها .. أنا وأنتم .. كل من يمكن له أن ينضم تحت كلمة ( نحن ) .. نحنُ الرجل الطيب .. والدنيا هي هذا الوادي .. والأقدار التي تخلق بيننا أحياناً صدف غير منطقية أو تشكل بداخلنا إثم نريد تحقيقه .. هي الرجل الشرير .. ولتكن المحبة هي الراعي لنا
- أنا آسف يا ستي مكنش قصدي
- ولا يهمك يا ابني
أبتسم .. تبتسم .. وتبدو الابتسامتين من أجمل وأصدق ما صادفتُ في يومي
لا تصبح لي في تلك الحالة جزء من ملامح مزعجة ومتشابهة .. بل كياناً إنسانياً شَكَّلتُ في لحظة خطراً على قوته فتعامل بعنف .. وفي اللحظة التي تليها أشعرته بإنسانيته – وربما إنسانيتي – فتعامل بلين !
بدا الأمر رائعاً حقاً
به بعض السذاجة .. ولكن من قال أننا لسنا بحاجة ملحة لأن نتصالح مع كل سذاجاتنا التي تجعلنا أكثر إنسانية ؟؟
****
خرجتُ من كل تلك الأفكار على صوت السيدة العجوز تشتم السائق ويردُّ عليها بالمثل لأنها طلبت منه أن يهدء سرعة العربة كي تنزل بحمولتها ولكنه تعجل فكادت تسقط ويتهشم قوتها ..
بدا ليَ الأمر في تلك اللحظة مثيراً للشفقة .. لها وله ، ماذا لو ابتسم أحدهما لثانية واعتذر ببساطة ؟ ماذا لو ساعدها أحد الركاب في إنزال كيس الرقاق للأسفل ؟ ماذا لو تمهل السائق نفسه لثواني تتيح لها النزول بأريحية ؟ وماذا لو لم ترفع صوتها عليها وتشتمه ؟؟
بدا ليَ كذلك أن أدعي وقتها ادعاءً – ربما غير سليم – وهو أن كل ما نقرأه من كتب .. نشاهده من أفلام .. نسمعه من موسيقى ، أن كل تفاعلتنا مع العالم الخارجي مع اتساعها تصب جميعها في مصبٍ واحد : أن تجعلنا أكثر بشرية !
تابعتُ السيدة بنظري .. بدت ملامحها ساخطة ولاعنة للكثير من الأشياء التي صادفتها في رحلتها اليومية ، في الأغلب كنتُ من ضمن تلك الأشياء ، ومع ذلك ودتُّ لو استطعت الاعتذار إليها والتأكيد على أن المسافة كانت كافية للمرور دون أي خطر على الرقاق !
إلا أنها غابت عن نظري بعد تحرك العربة سريعاً مع صراخ التابع "جيزة جيزة جيزة"
17 نوفمبر 2007
Martin Scorsese's The Big Shave - 1967
عام 1967 قدم المخرج الناشيء مارتن سكورسيزي عملاً قصيراً في خمس دقائق ونصف يسمى ذا بيج شاف لم ينتشر على مستوى واسع وقتها .. وحتى أمس فقط لم أكن قد شاهدته أو سمعت عنه .. لولا صديق عزيز أشار عليَّ به أثناء حديث متسع عن سينما مارتن سكورسيزي ومشروعه عن أمريكا ..
إعجابي بهذا العمل - انبهاري بمعنى أصح - تجاوز بالفعل الجانب الفني والتقني به والذي رأيت به الشرارة الأولى لبعض من الأساليب التي رسخها سكورسيزي في سينماه بعد ذلك - شاهد هذا الولاء الجم للتفاصيل البسيطة الموجودة في مشهد وديكور واحد لا يوجد به شيء يثير العين تقريباً إلا أن سكورسيزي يعطيه منحنى مختلف تماماً .. شاهد زاوية التصوير التي قدم بها أول لقطات العمل وتذكر كم مرة شاهدتها في شوارع وضيعة أو تاكسي درايفر أو الثور الهائج أو الطيار .. شاهد أسلوب القطع على متناثرات الحمام في بداية هذا العمل ومثيله تماماً في المشهد الأخير من الثور الهائج لكن على غرفة لاموتا هذه المرة .. شاهد طريقة التقاط الكاميرا للرجل بأكثر من موضوع ومثيلها في الطيار بمشاهد الحمام تحديداً .. شاهد حتى اضطراب المشهد ككل اللي بيفكرنا تلقائياً بمشهد "أتتحدث إلي" في تاكسي درايفر " - وبالرغم من عظيمة كل هذا إلا أن ما بهرني أبعد من ذلك ..
العمل بسيط للغاية .. ولكنه يقدم رؤية مبدئية ومبسطة لأمريكا من وجهه نظر سكورسيزي .. نفس تلك الرؤية التي رسخها بعد ذلك على مدار أربع عقود بعدة أفلام تستحق بلا أي مبالغة كلمة ( تحف ) ..
صدور الفيلم بعد الحرب الأمريكية على فيتنام لا يجعله فقط منوطاً بذلك ، هو مرتبط بأمريكا كل وقت وعقد .. هل هناك فرق لو قدم هذا العمل نفسه بعد حرب الخليخ أو حرب العراق أو أفغانستان ؟؟ ، الأمر واحد : في ذروة هذا التجمل الذي تتجمله أمريكا أمام العالم .. أو في ذروة رغبتها في أن تجعل كل شيء متكاملاً كما تبغاه تقوم ( بتجريح ) نفسها وتجريع العالم كذلك بالكثير والكثير من الدماء والعنف والحروب والدمار .. مع وجود آلية إعلامية - مياة الحوض - تقوم بتغطية تلك الدماء ولكن الأمر يزداد عن الحد ويتطور مع الوقت حتى تعجز الأدوات الإعلامية تلك/مياة الحوض في السيطرة على الوضع ، تغرق الدماء الأرضية وبقية الحوض .. وجه الرجل/أمريكا .. وكامل جسده ، وهو في كل ذلك لا يشعر أبداً بشيء خارق قد اقترفه في حق نفسه أو في حق الإنسانية بشكل عام .. فالأمر مجرد حلاقة ذقن تجميلية ولكنها مبالغة بعض الشيء !!
تلك الرؤية - العبقرية في نظري - التي قدمها الشاب ذو الخامسة والعشرون عاماً في ذلك الوقت مارتن سكورسيزي ، هي نفسها التي طبعت كافة أفلام المسيرة .. وكونت بدورها رؤية متسعة لما يوضع تحت عنوان عريض :
America Was Born In The Streets*
باختصار شديد :
لقد بدأ المشروع
أبكر كثيراً مما توقعت !!
---
ملحوظة 1 : حينما شاهدت هذا العمل بالأمس وانتويت طرحه بالمدونة لم ألحظ أن اليوم - 17 نوفمبر - وهو عيد الميلاد الخامس والستين لمارتن سكورسيزي .. كل سنة وانتَ طيب يا مارتي :)
ملحوظة 2 : الفيلم قد يكون عنيف بالنسبة للبعض لاحتواءه على الكثير من مشاهد الدماء .. بس بلاش دلع والنبي عشان الفيلم جميل :)
ملحوظة 3 : شكر واسع بطول الطريق الواصل بين مصر وإسكندرية للأخوين جودة - أحمد ومحمود - فلولاهما لم أكن قد شاهدت العمل بعد .. بل أن جزء من تحليلي الشخصي للعمل نتج عن نقاش معهم عنه .. شكراً يا رجالة :)
---
* The Gangs of New York Tagline
12 نوفمبر 2007
We'll always have this moment
I feel like I can't take it
like my heart's going to cave in
.
.
.
يا راميني بسحر عنيك الاتنين ما تقولي واخدني ورايح فين
؟!