11 فبراير 2013

لعلّها آخر رسالة إلى السيد فينجر


أَتَذْكُر ذلك اليوم الذي أتيت فيه إلى غرفة الملابس وربت على كتفي ثم أخبرتني أن كل شيء سيكون بخير؟، قُلت أننا «نحتاج فقط إلى بعض الصبر»، «الأطفال سَيَكبرون» و«مع الوقت ستصبح أرجلهم مُثَبّتة في الأرض»

صَدَقتُك، صَبرنا، والأطفال كَبروا، فماذا حَدَث بعد ذلك؟.. تَركوك

وفي كُل مرة كُنت تأتي، وتَربت على كَتفي، وتخبرني أن الأمور ستصير بخير، ومع الوقت صِرت فقط أهزّ رأسي، أنظر إلى عينيك بين المباريات وأرغب في أن أخبرك بأن ما من شيءٍ سيكون بخير، ولكني أشعر بثقلِ العالم على كتفيك.. فأسْكُت

أنا فقط لم أَعُد أحتمل ذلك بعد الآن سيد فينجر، لقد تَعِبت من الماضي، كل مرة ذهبنا بعيداً دون أن نعود بشيء، أَتَذَكَّر وأجتر دون أن يَخِفّ مرار العَلْقَم، انزلاقة قدم جيبس في الإمارات، طرد روبن في الكامب نو، والسنتيمترات الثلاث التي باعدت بين كرته وشباك الميلان بعدها بعامين، صَيحات السبيرز في المُدرجات عند فوزهم الأول علينا بعد عشر سنوات كاملة، وقِلّة الحيلة ليلة الثمانية اللعينة في الأولد ترافورد، أنا لَم أنسَ شيئاً، حتى لو لم أحاول إخبارك ذلك من قبل، أتذكَّره طوال الوقت، لم يَعد يُجدي حتى الرّبت على الكتف، أنا غاضب.. غاضب جداً، ولا أريد ذلك بعد الآن

آسف لأنني انفعلت، ولكنّي غاضب حقاً، أتعرف ما هو أسوأ شيء؟ الأسوأ على الإطلاق؟.. إنها الأحلام العالِقَة، تِلكَ التي لا تَكْتَمِل ولا تُتْرَك، لقد عَزَمت منذ وقت طَويل ألا أذهب لأجلِ الضال مرّة أخرى، وفعلتها فقط من أجلِك، وعُدت مَدمياً، سامِحني على الأقل لأنني لن أذهب مَعَك أبعد من ذلك

صحيح أنني أُحبّك، أحبّك كَثيراً، هناكَ الكثير من الأشياء الجيدة لم تكن لتصير دونَك، وكل ما هُوَ حسن سيكون أجمَل مَعَك، ولكن.. آنَ ليَ أن أرتاح قليلاً، دون أحلام عَالِقة أو ماضي مُرْهِق لا يُبارح الذَّاكرة

سأتابع مُباراة البايرن القادمة من بين الجماهير، وسأهتِفُ لَكَ حتى يُبَحّ صوتي، وبغض النظر عن النتيجة.. سأخبرك أن كل شيء سيكون بخير

كُن في أفضلِ حال يا أرسين العزيز، سأسعد كثيراً كلما سَمِعْتُ عن حَسَنٍ يَخصّك



ليه الثورة جَميلة وحلوة؟

فقط كُنت بحاجة إلى استعادةِ تِلك الأيام، تَنْقِيَة الذكريات، أو التَّصالُح معها، وربما يكون ذلك قد حَدَث في الثمانية عشرة يوماً السابقين

الثورة جَمِيلة وحُلوة بشدّة يا مينا العَزيز، كل ما فيها كان هادئاً ومُدهشاً ورائعاً، كنا في أفضلِ صورة مُحتملة منّ أنفسنا، وعَرِفنا أخيار النّاس

لَم أعلَم أنَّكَ كُنت بالجوار في صباحِ 29 يناير بمحمد محمود، عرفت ذلك فقط منذ أيام وأنا أُراجع الفيديوهات، شعرتُ بأنَّكَ رَوحاً لم تُبارِحُ هُنا، تُمَسّي عَليّ وتؤانسني وتخبرني أنّك لازِلت في الشارع الكَرِيم 
بانتظاري/بانتظارنا

كانت أجمل أيام يا عزيزي، وستظل، بعيداً عن أيّ مما جَرى بعد ذلك