29 نوفمبر 2008

الناقد والسيناريست ورئيس التحرير .. وآخرون في قلب المعركة !

الكثير منا كان قد انتقد في قراره نفسه أو مع آخرين عرض فيلم "بلطية العايمة" للمخرج علي رجب والمؤلف بلال فضل والممثلة عبلة كامل ضمن فاعليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثانية والثلاثين ، انتقاد ضمن العديد من الانتقادات الأخرى التي نالت من المهرجان ، البعض اعترض على وجود داليا البحيري ضمن لجنة التحكيم ، آخرون رأوا في تكريم بطل وبطلة المسلسل التركي الشهير "نور" ما يثير الضحك ، انتقادات أخرى نالت التنظيم أو تصريحات رئيس المهرجان أو حتى مستوى الأفلام المشاركة ، إلاّ أن أيّ من هذه الانتقادات والصراعات – الظاهرة حيناً والخافية غالباً – لم يصل لأهمية الصراع الذي فجره الحديث عن ترشيح بلطية العايمة ، ذلك الصراع الذي تخطى حاجز المهرجان والسينما ككل ووصل إلى منطقة أخرى تفضح بضع من أهم رجال الصحافة في مصر ، سواء هؤلاء الذين يعارضون السلطة .. أو من ينامون تحت كنفها ..

****

التطورات الملتهبة الذي اتخذها الموضوع لم يتوقعها أي من أطراف الموضوع ولا حتى المتابعين من الخارج ، فالاتهامات طالت الجميع ولم يخرج أحد سليماً ، اتهامات بالعمالة والقوادة والنفاق ومسح الجوخ والتعامل مع السلطة في الباطن ومعارضتها في الظاهر بل ووصلت لاتهام البعض بتنفيذ مخطط أمريكي صهيوني بداخل الصحافة المصرية ، كل هذا بالرغم من أن الأمر لم تتم إثارته إلا منذ أسبوع واحد فقط ..

****


البداية كانت بالطبع مع خبر ترشيح بلطية العايمة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة ..

في يوم الأربعاء قبل الماضي ( 19 نوفمبر ) كتب الناقد السينمائي سمير فريد في عموده اليومي بجريدة المصري اليوم عن الأمر ، واصفاً ما حدث بالمهزلة لأنه – تبعاً لوجهه نظره – لا يصح أن يصل فيلم تجاري مثل هذا إلى مسابقة مهرجان دولي كبير وتساءل بدوره في عنوان مقاله "
كيف وصلت بلطية العايمة إلى مهرجان القاهرة السينمائي" ؟؟

في يوم السبت ( 22 نوفمبر ) بدأت الشرارة الفعلية للصراع الذي دار بعد ذلك ، حيث كتب بلال فضل في نفس الجريدة ضمن عموده اليومي رداً على مقال سمير فريد ، في واقع الأمر لم يكن عموداً ولا رداً ولا مقالاً ، هو بالأحرى "وصلة من الشرشحة" المكتوبة بأناقة وأسلوب مثقفين ، وكعادته في مواجهة خصومه سنّ فضل كل أسلحته في مواجهة منتقدي أفلامه ، إلا أنه هذه المرة تجاوز كل الحدود ، حيث لم يترك أي صفة قد تنتقص من سمير فريد ولم يقلها ، فقد وصفه أولاً بالتدهور النقدي ثم استمر بعد ذلك في وصفه بمحاباة أصدقاءه من المخرجين ، قبل أن يبدأ لدغاته القوية بقوله "بل وحصلت نجمات تلك الأفلام على جوائز باركها الأستاذ سمير احتراماً لرفقتهن في الكفاح المسلح" ,, وهو بالطبع إيحاء واضح يؤكده فضل مرة أخرى حينما يقول عن سمير أنه قد عمل "سمسار مهرجانات ومستشاراً لفنانة من نجمات زمن الفن الفسيح" ، ليسَ هذا فقط ، ففي عمود بلال – أو وصلته للشرشحة – اتهامات بتلقي أموال من الخليخ من أجل تحسين صورة أفلامهم .. واتهامات بالتطبيع من إسرائيل .. ونفاق لوزير الثقافة ورجال الدولة من أصحاب الأمر ، قبل أن يختم فضل مقاله بفقرة تدرّس في "ضرب المهاميز" حيث قال "لقد توقفت عن فهم الأستاذ سمير منذ ذلك اليوم الذي حضرت معه العرض الخاص لفيلم الآخر في سينما أوديون وشهدت كيف أنه لم يتوقف طوال العرض عن إطلاق التعليقات الساخرة لدرجة أنه قال لي أن على السينمائيين أن يوقعوا على بيان يطالب بمنع خالد يوسف من الاشتراك في كتابة أفلام الأستاذ ، وعند خروجنا من دار العرض مررنا بالأستاذ الذي نادى على سمير ليدعوه لحفل أقامه رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس لأسرة الفيلم ، قلت له يومها "كان الله في عونك ، كيف ستحضر عشاء من ناس لا يعجبك فيلمهم إلى هذا الحد" ، فهزّ رأسه مغمغماً ولم أفهم سرّ غمغمته إلا حينما قرأت مقاله في جريدة الجمهورية يوم الإثنين الذي تلا العرض والعشاء ، عندما كتب أن فيلم الآخر هو تحفة خالدة في تاريخ السينما ، ومن يومها كلما قرأت مقال للأستاذ سمير عن فيلم من الأفلام تساءلت إن كان قد كتب المقال قد الحفلة أم بعدها ؟"

في اليوم التالي مباشرةً .. الأحد ( 23 نوفمبر ) ،
نشرت المصري اليوم رسالة من سمير فريد إلى رئيس التحرير مجدي الجلاد يعتذر فيها عن اكمال عمودي اليومي بسبب ما نشره بلال فضل في اليوم السابق ، حيث رأي سمير أن الحفاظ على مصداقية الجريدة يقتدي ألا يكتب فيها شخصاً ما عموداً يومياً وقد وجهت إليه كل هذا الاتهامات بداخلها ، وحفاظاً على اسمه وتاريخه فقد قرر التوقف عن نشر عموده ..

إلى هنا توقع الجميع أن ينتهي الموضوع عند هذا الحد ، يتوقف سمير فريد عن كتابه عموده اليومي في حين يستمر بلال ، ببساطة لأن بلال ليس فقط أضخم من ناحية الوزن والجسم بما لا يقاس ، ولكن أيضاً لأنه أضخم من ناحية الاسم والجاذبية التي يمنحها عموده للجريدة ، لذلك فقد تمت التضحية بسمير كي يبقى بلال ..

إلا أنه على الجانب الآخر كان إبراهيم عيسى يخطط للأمر بشكل مختلف ، حيث أرسل لسمير فريد في نفس يوم نشر بلال فضل لمقاله ( السبت .. 22 ) ، عارضاً عليه كتابه عمود حرّ بجريدة الدستور اليومية .. وصفحة كاملة في العدد الأسبوعي على أن يكون أول مشاركته مع الجريدة على صفحة كاملة يوم الإثنين ( 24 نوفمبر ) يرد فيها على اتهامات بلال فضل الكاذبة له في المصري اليوم ..
إبراهيم عيسى صحفي جيد .. ولكن موهبته كصحفي لا توازي أبداً شطارته كتاجر يستطيع أن يشتري أي شيء ويبيع أي شيء ويخرج في النهاية فائزاً على المستوى الأدبي والأهم على المستوى المادي ..
عيسى رأي أن في إحضاره لسمير فريد فرصة لنيل عمود من كاتب كبير بالطبع مهما اختلفنا معه ، كما أنه يأخذه مباشرةً من الجريدة المنافسة له ، ويعيد له بعضاً من هيبة الدستور التي غابت عنها الأقلام المميزة والمحترمة عدا قلة قليلة للغاية ، ورغم أن كل هذه الأسباب منطقية جداً ، إلا أن السبب الأهم يكمن في رغبة عيسى في ضرب بلال فضل من تحت الحزام بعد تركه لجريدة الدستور التي صنعت اسمه كصحفي وكاتب ساخر بارز في منتصف التسعينات وذهابه للمصري اليوم في عمود يومي ثابت ، عيسى لم ينسَ لفضل ذلك خصوصاً مع تأثير تواجده مع المصري على المبيعات الخاصة بالجريدتين ، ولأنه لم يكن يستطيع مهاجمة فضل مباشرةً لأن جميع قراء مصر يشهدون على العلاقة الحميمية – على صفحات الجرائد فقط – التي تجمعهما ، فقد وجد مراده في قلم سمير فريد الذي سَيُسَنّ من أجل دبح بلال فضل ..


في يوم الإثنين ( 24 نوفمبر ) كانت الدستور هي بطلة الحدث وصاحبة الضربة الجوية الموجهة ضد بلال فضل والمصري اليوم ، في المانشيت الرئيسي في الصفحة الأولى من الجانب الأيسر كان العنوان هو "بلطية العايمة .. هل للابتذال حدود ؟!" .. وبأسفله صورة لسمير فريد مكتوب تحتها "الكاتب الكبير سمير فريد يكتب في الدستور لأول مرة ويرد على كل الاتهامات الرخيصة"
بالداخل ، كان هناك صفحتين كاملتين ، الصفحة الفنية "9" والصفحة التي أمامها عن بلال فضل منفرداً ، الصفحة الفنية حملت مانشيت الصفحة الأولى عن ابتذال بلطية العايمة ونشر فيها ثلاث مقالات للكتاب "إيهاب التركي .. هشام فهمي .. دعاء سلطان" ، تحدثوا جميعاً عن ابتذال الفيلم وأنه استمرار لما يفعله بلال فضل في السينما المصرية من أفلام فاشلة وسيئة وأن عرض مثل هذا العمل في المسابقة الرسمية لمهرجان دولي كافياً لسحب صفة الدولية منه نهائياً ، مقال دعاء سلطان انصب رأساً نحو فضل متحدثة عن صلفة وأسلوبه في مواجهة النقد رغم تاريخه الفني الأسود الملئ بالأفلام التجارية المسفة ..
هذا الهجوم الشديد أثار تعجب واندهاش بعض القراء من ذوي النوايا الطيبة ، حيث أنها المرة الأولى منذ صدور الدستور منذ أربعة سنوات التي تكتب كلمة واحدة ضد أيًّ من أفلام بلال فضل ، والهجوم تلك المرة وصل إلى بلال نفسه وليس فقط أفلامه !
اندهاش قراءنا ذوي النوايا الطيبة وصل إلى أوجه حينما قرأوا الصفحة المقابلة لسمير فريد ، حيث كان العنوان "بلال فضل مثال للصحفي مساح الجوخ والإنسان ناكر الجميل والسيناريست السارق معدوم الموهبة والفنية" ، تحدث فيها سمير عن معرفته بفضل منذ بداية مشواره في الصحافة حين كان يأتي لمكتبه ويجلس بالساعات مكيلاً له كل ما يمكن تخيله من كلمات المديح ، وكيف كان يراه يفعل ذلك مع من له اسم وباع في عالم الصحافة والفنّ وكيف كان يقوم بحمل شنطة الصحفي الشريف – حسب قوله – إبراهيم عيسى والأخير يذوب تأدباً أمام نفاق هذا الشاب البدين وأنّ كل هذا بدأ في التغير بعد وصول بلال فضل وبعد أن أصبح كاتباً يقال عنه أنه كبير وهو – حسب قول سمير أيضاً – ليس كبيراً سوى في الحجم فقط ، باقي صفحة سمير توجهت لفضل كسيناريست منتقداً ركاكة أفلامه ثم فجر عدة مفاجآت يعرفها فقط القريبين من الوسط الفني تدور كلها في صعيد اتهام بلال فضل بالسرقة من كتاب شبان شاء حظهم العثر أن يقعوا في طريقه ، فهو يسرق نص أبو علي من الكاتب حمدي عبد العزيز – الذي رفع عليه قضية ثم سحبها بعد ذلك دون سبب - .. ويسرق نص خارج عن القانون من الكاتب الشاب محمد علاء الدين .. بل وذكر سمير فريد أن بلال يسرق العديد من حبكات ومواقف أفلامه من كتب ومواقف ساخرة يرويها أمامه البعض أو يقرأها هو في بعض الكتب ، منهياً مقاله قائلاً "لقد ظللت أكتب في هذا المجال لأكثر من أربعين عاماً وسأظل بإذن الله طالما امتدّ بيَ العمر ، واجهت العديد من المعارك والصراعات ، اتسم بعضها بالاحترام وشاب البعض الآخر التطاول ، ولكن استمرت مسيرتي الصحفية والفنية بحمد الله أولاً وبسمعتي وسيرتي الطيبة ثانيةً ، وعلى مكثر ما شاهدت فلم أواجه اتهامات أكثر دونية وحقارة مما قاله هذا البدين ، ولا أجد ما أقوله أمام كل هذا إلا ثقتي في القراء على إيجاد الحقيقة ، وأن أذكر نفسي وأذكركم بالقول الشهير الذي يغني عن الكثير من القول : لا تأسفن على غدر الزمان لطالما .. رقصت على جثث الأسود كلابا ، لا تحسبنّ برقصهن يعلو أسيادهن .. تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاباً"

ولم تتوقف حملة الدستور يوم الاثنين عند هذا الحد ، ففي الصفحة الأولى أيضاً وفي مقال رئيس التحرير تحدث طوال مقاله عن ميثاق الشرف الصحفي الذي ينتهكه البعض وعن الأخلاقيات التي غدت منعدمة .. إلخ هذا الكلام ، ظن البعض أولاً أن عيسى يقصد كتاب الحكومة الذين دأب على مهاجمتهم ، إلا أن مطالعتهم للصفحتين الفنيتين قد أظهر لهم العكس ، وأن عيسى لا يتحدث سوى عن فضل ، كان هذا مؤكداً أكثر بعد مقال خالد السرجاني في صفحة الرأي "6" الذي تحدث فيه بشكل أكثر صراحة من عيسى عن المصري اليوم ومقال بلال وما يمثله من مساس بصون وجلال صاحبة الجلالة ، بل ووصل السرجاني من الجرأة درجة قوله أنه من حق سمير فريد الآن رفع قضية مضمونة على المصري اليوم وفضل كي يحفظ حقه منهما ، مؤكداً على رفضه الدائم لحل قضايا الصحفيين في ساحات المحاكم إلا أن الأمور تستلزم ذلك أحياناً ..

في هذا اليوم بدأَ واضحاً للجميع أن هناك معركة غريبة المعالم قد بدأت ولا يعلم أحد متى ستنتهي ، لذلك فقد انتظر المهتمون عمود بلال فضل لليوم التالي بفارغ الصبر ..

في اليوم التالي .. الثلاثاء ( 25 نوفمبر ) ، لم يكن الأمر مجرد عمود ، بل نصف صفحة كاملة لفضل بعنوان "ربنا لا تآخذنا إن نسينا أو أخطأنا .. ربنا لا تآخذنا بما فعل السفهاء منا"

فضل كان من الذكاء لكي يعلم أن كل ما قد يقوله بشأن سمير فريد قد انتهى وأن الأمر الآن خرج من سياق السينما والمهرجان والفيلم وذهب ليصبح معركة بينه وبين إبراهيم عيسى رأساً ، وقد كان من الذكاء أيضاً ليعرف أن مهاجمته لعيسى وكشفه لمعلومات تمس سمعته المالية والنضالية والسياسية ستمس سمعته ومصداقيته هو نفسه ، لسبب بسيط وأنه منذ عدة أسابيع فقط كان يسبّح بحمد عيسى في كلّ جيئة وذهاب وفي مقال نشر ليلة القبض على عيسى في مسرحية الشهرين سجن والتدخل الرئاسي الشهير ، لذلك فقد اختار فضل حيلة مسرحية قديمة ، وهي أن يبدو بمظهر الحمل الوديع الذي هالته الحقائق التي اكتشفها في وادي الظلمات فتحول مجبراً إلى ثورٍ هائجِ ..
بلال افتتح مقالة بالآية القرآنية سالفة الذكر ، ثم ذكر بعدها أنك قد تخدع بعض الناس بعض الوقت وقد تخدع كل الناس كل الوقت ولكن أبداً لن تخدع كل الناس كل الوقت ، ثم استمر بعدها في وصلة من معاتبة الذات وأن الأعمى الذي استيقظت أخيراً قرنيته ورأى ما لم يكن يريد أن يراه ، إلى آخر تلك المقدمات التي تظهره بمظهر من لم يكن يعرف عيسى والدستور على حقيقتهم والآن عرف ..
بلال ذكر الكثير من المعلومات بشأن عيسى خلال السنوات السابقة ذاكراً ما قاله أنه "مجرد بعضٌ من كثير مما اكتشفه خلال الفترة السابقة ووجد أن من واجبه وحسن أمانته أن يذكره للقراء الأعزاء حتى لا يشارك في خداعهم أكثر من ذلك" :
1- تساءل أولاً عن السبب الذي جعله يعمل في كنف رجل الأعمال الشهير أحمد بهجت في وقت كان الأخير متهماً فيه بمص دم الفقراء "سكان مصر الأصليين" ونهب فلوس البنوك في حين كان يصفه عيسى برجل الأعمال الوطني الشريف ؟
2- تساءل عن السبب الذي جعل الدولة توافق على تحويل الجريدة لجريدة يومية رغم صعوبة الإجراءات التي تؤدي لذلك ؟ ثم عقب "هل يمكن تفسير ذلك سوى كونه مكافأة من الدولة لأن مخططها - الذي بلعه البلهاء من أمثالي وظنه رفعاً لسقف الحرية من مناضل ورجل شريف لا يهاب أحد - قد تم على خير ونجاح ؟"
3- تساءل عن مؤهلات شادي عيسى الذي تجعله يصبح صحفياً في الدستور .. ثم عضواً بالنقابة .. ثم سكرتيراً للتحرير ، وأخوه المناضل الفذ يناهض التوريث ويرفضه !
4- أشار بخبث ومن بعيد لاهتمام الخارجية الأمريكية بإبراهيم عيسى وعن سبب هذا الاهتمام الكبير برجل هو فقط رئيس تحرير جريدة مستقلة في مصر
5- تحدث فضل عن بعض المعلومات التي قال أنها موثقة ومؤكدة ويوجد عليها شهود لا يخافون في الحق لومةِ لائمٍ ، أولاً عن راتب إبراهيم عيسى الذي يتخطى العشرين ألف جنية شهرياً – إلى جانب ما يتقاضاه من الفضائيات بالطبع ! - في حين لا يزيد راتب أي محرر في الجريدة عن خمسمائة جنية ، وثانياً عن الواقعة الشهيرة التي ترك بسببها عمرو سليم وخالد البلشي الجريدة منذ فترة طويلة حينما اعترض بعض المحررين على ضآلة مرتباتهم فوقف إبراهيم في منتصفها قائلاً "اللي مش عاجبه الباب يفوت جمل ، أنا اللي جبتكم من على الرصيف وأنا اللي أقدر أرجعكم ليه تاني" ، وثالثاً قوله منذ فترة قريبة لبلال شخصياً حين حدثه عن حقوق المحررين "كفاية إنهم بيشتغلوا في جريدة رئيس تحريرها إبراهيم عيسى"

واختتم فضل مقاله بقوله "منذ فترة قريبة كنت لازلت مؤمناً به كقائل كلمة حق أمام سلطان جائر إلى أن جاء "الوعد الرئاسي" الذي عفا عنه وقبله عيسى بنفس رحبه وشاكرة كانت قد أصدعت رؤوسنا على مدار سنوات في أن هذا حق وليس منحة ، بعدها بدأت ألضم الخيوط مع بعضها وأتساءل عن الأسباب وأفيق من غيمتي التي استمرت لسنوات وسنوات ، وكم كان الجرح غائراً حين أطعن فيمن حسبته دائماً المعلم والأستاذ والمكتشف والمناضل الحقيقي ، ولم أرد أن أثقل على كاهلكم أكثر من ذلك بحقائق يجف لها الحلق وتنهمر على أثرها الدموع ، وقد أدركت الآن فقط أن أهم درس قد تعلمته من عيسى وأنا في عقدي الرابع أنك لا تستطيع الرهان على ذمة وصدق أحد سوى نفسك ، ولذلك ولاحترامي لكم ولنفسي قبل كل شيء أخبرتكم بما علمت لأنني لن أسمح أبداً بأن أزيف وعيكم متعمداً ، سامحوني وادعوا لي بتخطي تلك الصدمة التي تلقيتها وحيداً في أستاذي ورمزي الكبير "

الأربعاء ( 25 نوفمبر ) .. دارت المعركة على جبهتين ، الجبهة الأولى كانت المصري اليوم ، كتب فضل مقالاً اعتيادياً عمن يسميهم "السكان الأصليين لمصر" مؤكداً على شهامته وجدعنته وانتماءه لهم مهما حدث ، بلال كان يدرك أنه ليس من الفطنة مهاجمة عيسى ليومين متتالين ، الأفضل والأكثر حنكة هو أن يصبح الأمر كمباراة تنس غير محددة الأشواط ، لكل منهم ضربة ثم ينتظر ضربة الطرف الآخر ، في نفس الجريدة كتب مجدي الجلاد مقالاً دبلوماسياً يحاول فيه تهدئة الأمور حيث تحدث عن "المحترم سمير فريد .. والمحترم إبراهيم عيسى .. والمحترم بلال فضل .. والمحترمة الدستور .. والمحترمون من القراء" .. مجدي الجلاد كان دبلوماسياً للدرجة التي جعلتني أصاب بقرحة في الاحترام بعد قراءة مقالة الذي كتب على طريقة "كلنا حلوين مع بعضينا" ..

في العدد الأسبوعي من الدستور كان الأمر مختلفاً عما حاول الجلاّد أن يقوله كي ينهي الأمر ، ابتعد عيسى عن الرد المباشر عن أيّ مما ذكره فضل في مقاله لليوم السابق مكتفياً بإشارة لاذعة بين سطور مقاله – الذي وجهه كالعادة لنقد الرئيس وابنه وزوجته وحاشيته والشعب والناس والمجتمع والأحزاب والدول والكرة الأرضية - بقوله أكثر من مرة "الكلاب تعوي والقافلة تسير" ، وعلى طريقة "أنا هخلي أهيف واحد من رجالتي هو اللي يردّ عليك" امتلأ العدد الأسبوعي من الدستور في النيل من بلال فضل .. بشكل مباشر وغير مباشر وبكل الأشكال الممكنة ، الصفحة الفنية قامت بعمل صفحة كاملة لتحديد أسوأ عشر أعمال خلال سنوات الألفية عن طريق استفتاء بين المحررين ، بلال ذكر اسمه في أربعة أعمال من العشرة ليتوج كأسوأ سيناريست خلال تلك الفترة ، في الصفحة النقدية – أو سمها كذلك – يقوم محمد هشام بنقد مجموعة بلال القصصية واتهامها بالسرقة من عتاولة الكتابة الساخرة في مصر ، تنشر الدستور في صفحة المدونات
تدوينة الكاتب محمد علاء الدين التي تتهم بلال فضل بسرقة أحد سيناريوهاته وأنه – أي بلال – قام بسبابه حين اتصل به مستفسراً بهدوء عن السبب الذي جعله يسرقه ، في صفحة خالد كساب يكتب العايدي قصيدة هجاء ما بعد حداثية فهمها حوالي 10% على كونها موجهه لنقد بلال ولم يعترض ال90% الآخرون لأنهم لم يفهموا شيئاً منها أساساً ، كساب يكتب عن إبراهيم عيسى وشهامته ومساعدته للعديد من الكتاب الشباب وأنه قادر على الاستمرار على الرغم من أنياب الكلاب التي تنهش في ذاته المصونة ، أكثر من كاريكاتير في صفحات الجريدة يرسم شخص بدين غير محدد الملامح يرتدي زي السارقين المخطط الشهير في أوضاع مختلفة ، وهكذا كان شعار جريدة الدستور في عددها الأسبوعي الماضي "النيل من بلال حياً أو ميتاً" ..

يوم الخميس ( 26 نوفمبر ) .. بدا شعار بلال في نصف صفحة جديدة وكأنه "عليّ وعلى أعدائي" ، بلال لم يترك واحداً ممن هاجموه إلاّ وهاجمه ، أطاح في الجميع بلا هوادة ، قال عن سيناريو علاء الدين أنه لو سرق أحد منه هو مثل هذا
السيناريو الردئ لحمد الله وفضل شكره ولن يفتح فمه على سرقة سيناريو فيلم هندي – على حد وصف بلال – كسيناريو علاء ، أشار للسارق العصري – الذي هو العايدي بالطبع – الذي يقوم بترجمة الروايات الأجنبية بلهجة شبابية كي يصبح رمزاً للأدباء الشبان وحاملاً لواءهم ، تحدث باستفاضة عن الكاتب المطيع – لم يحدد أي اسم ولكنه كسّاب بالطبع ! – الذي يدور في كنف رئيس التحرير ويتحرك بأمرته في مقابل صفحتين يرتع فيهم مع أصدقاءه وأحباءه وحبيباته ولا مانع أيضاً من أن يحضر أخيه عديم الموهبة ، والصفحة الفنية كذلك نالت جزءً مهماً من هجوم بلال حيث وصف أغلب العاملين فيها بأنهم "ملهمش فيها" لذلك فهو يعذر جهلهم الشديد ويرى أن اعتبار أربعة من أفلامه ضمن قائمتهم للأسوأ هو مجرد وسام على صدره ..

ثم اختتم فضل مقاله بقوله "المناضل الكبير الذي يصدع رؤوسنا ليلاً نهاراً بقدرته على مواجهة الحكومة والنظام .. الذي يصف الشعب المصري بكونه قرني ويصم المعارضة بالمستأنسة ، لم يستطع الرد على أيّ مما ذكرته ، وبدلاً من ذلك استخدم أسلوباً رخيصاً في إطلاق كلابه وألاضيشه على شخصي المتواضع ، ولا أجد ما أقوله سوى : أنني لها"

في الجانب الآخر بدأ عصام إسماعيل فهمي – رئيس مجلس إدارة الدستور وصوت الأمة والحلوة – في الدفاع عن عيسى بطريقته ، حيث قام بإصدار تعليمات لرؤساء تحرير بقية جرائده في الهجوم على بلال فضل ونشر فضائحه المخفية خلال السنوات الأربع السابقة ..

وعلى جانب ثالث ، دخلت روز اليوسف اليومية والأسبوعية المعترك بتحقيق كبير عن الموضوع يبرز أهم تجلياته وفضائحه مع مقالين يحلقان في الأفق البعيد من الزعيمين كرم جبر وعبد الله كمال عن المعارضة "اللي وقعت في بعض" وشرف صاحبة الجلالة "اللي داس عليه اللي يسوى واللي ميسواش" وعن أن ما يحدث بين اثنين من أهم منتقدي روز اليوسف يبين إلى أي مدى كان القائمين عليها "ولاد حلال مصفي" ويبين أيضاً أن الرئيس مبارك هو الأصلح لمصر في المرحلة الحالية وفي كل المراحل بإذن الله ..

الأمور لم تنتهِ عند هذا الحد بالتأكيد ، ومن المنتظر دخول أطراف أخرى في صلب معركة صحفية قد تكون الأقوى والأشرس والأكثر إثارة منذ بداية الألفية على الأقل ، فضائح كثيرة ستتكشف .. رموز عديدة ستسقط .. لهيب سينال الجميع .. ومصر قابعة في المنتصف تتابع بحسرة وحزن ولا نملك سوى أن نتابع معها ، معكم ومن أجلكم ومن أجل الحقيقة ..


- نشر في جريدة مزامير الأسبوعية .. عدد الجمعة ( 28 نوفمبر 2008 )

21 نوفمبر 2008

قد الخير اللي ما بينا سوا


-
شايفها إزاي ؟ 

- شايفها إزاي ! ، هتبقى أجمل بنت في الدنيا حتى لو مكنتش أجمل ولد ، هتبقى ست الحسن في الحواديت حتى لو أنا مش الشاطر حسن