26 فبراير 2008

أن تكون عباس العبد

الجميع يعرف من هو رامز
يعرف انجازاته وبطولاته .. فتوحاته الأدبية وتاريخه
لا داعي لسرد قصة حياته
فهو غني عن التعريف
لكن ما قرأته منذ قليل جعلني في حالة لا توصف من السرور والغبطة
وهو ما دفعني – سراً – لأبحث عن لاب توبي المفتوح لأكتب ما أشعر به
لأكتب لكم عنه
من أجل الجمهورية المصرية .. من أجل الأمة العربية .. من أجل الإنسانية كلها
أكتب لكم عن رجلاً من أغنى الرجال .. رجلاً من أغلى الرجال وأشجع الرجال وأخلص الرجال
هو القديس رامز الشرقاوي

-----

المعلومات المتوفرة لدينا عن المواطن رامز الشرقاوي قبل أن يتم عامه السادس والعشرين قليلة

ربما لهذا استقبل العالم باندهاش حنينه لأغنية الأطفال الشهيرة "طيري يا عصفورة" ، فالموقف حينها كان قد تغير تماماً وأصبح من المنطقي التفكير في كون رامز الشرقاوي كان – قبل سن السادسة والعشرين – طفلاً مرَّ بمراحل النمو الطبيعية ، على حدَّ تعبير البعض :

ده دليل معقول ممكن يعزز موقف الناس اللي بتدَّعي إن رامز كان طفل زينا

هذا الاختفاء الطويل عن الأضواء والجمهور والشعب العريض المنتظر لنفحة من ضياءه كان له أسبابه بالطبع


أحد تلك الأسباب هو خصوصية وضع الأقليات في مصر ورامز لا ينتمي لأقلية واحدة .. ولا اثنان .. بل لثلاث أقليات

وهو ما أدركه منذ سنونه الأولى حينما حدث ذات مرة أن أخبره أحدهم في قسوة :

مشكلتك يا رامز إنك مش قادر تفهم خطورة وضعك و موقفك و مُصِر إنك تحط نفسك في مواجهات انت مش قدها ,, يا ابني انت الشخص الوحيد اللي شوفته في مصر بينتمي لكل الأقليات الممكنة

مصر فيها 75 مايون بني آدم ,, منهم12 مليون مسيحي ,, قول 15 مليون من عندي ,, منهم 400 ألف كاثوليكي ,, قول نص مليون من عندي ,, منهم 10 زملكاوية ,, قول 12 من عندي ,, خمسة منهم ماتوا بعد ماتش الهلال ,, و خمسة هاجروا بعد ماتش الفيصلي ,, فاضل انت و واحد جاري البحث عنه ,, تلاقيه خايف على نفسه و مستخبي اليومين دول ,, اعمل زيه أنا خايف عليك


أسباب أخرى لها دور في تباعده الاختياري ، فقد بدأ المذكور كتابته في سنًّ صغير:

كتبت أولى رواياتى في مرحلة عمرية مبكرة
كنت متأثرا بما حولى من حب و رعاية اسرية و كنسية حيث كنا نتلقى المحبة بمشتقاتها فقط
لم نكن نعرف عن الشر شيئا بعد .
كانت اولى كتاباتي تحكى عن فتى اسمه حسين ( لم اعرف لماذا أسميته حسين و لم اسمه جرجس مثلا و لكنها الوحدة الوطنية تقريبا )
المهم هذا الفتى فقد مبلغ من المال و جلس يبكى فى الطريق فوجده رجل طيب من هؤلاء الرجال الذين لا تقابلهم ابدا فى حياتك!!! ,
وجده ذلك الرجل فاخذه الى القسم و حرر محضرا و كان الضابط متعاون ! فطلب من الصبى الانتظار
و ماهى الا دقائق معدودات و حضر رجل طيب اخر! حاملا مبلغ من المال قد وجده و اتضح انه المبلغ الذى فقده الصبي
اعاد الضابط المبلغ الى حسين الذى عاد الى منزله سعيدا شاكرا الرجلين الطيبين و الضابط الذى هو رمز العدالة و التضحية فى سبيل الشعب !!!!
طبعا لو كتبت الرواية ألان لكتبت ان رجل وجد فتى معه مبلغ من المال فقتله و اخذ المال , وجد الضابط هذا الرجل فعذبه هو و اهل بيته و اخذ المال منهم جميعا و أعطاه لاحدهم ليهرب به
.

توقف بعدها عن الكتابة لسببين
الأول :
بعد ان كتبت تلك الملحمة الوطنية ذات الخمس اجزاء التى تبرز تحالف قوى الشعب العامل من عمال و فلاحين و شرطة , شعرت اننى اديت واجبى نحو الوطن و الساحة الادبية و انه يجب على ان انسحب

أمَّا الثاني :
فى تلك الفترة ترشح كاتب اسمه نجيب محفوظ لجائزة تسمى نوبل و احتراما لفارق السن توقفت عن الكتابة حتى لا يفقد الجائزة

هذين السببين ينيران لنا نبراساً نقرأ من خلاله مسيرة شخص عظيم كرامز الشرقاوي ، فقد وضح من البداية أن الرجل غيرُ طامعاً في الشهرة .. أو المال .. أو الأضواء ، ملحمته خماسية الأجزاء تعكس بوضوح قيم الخير والمحبة والمودة وهو جلَّ ما أراد أن يشعر به القارئ .. لذلك فبعدها فضل الانسحاب ، فالكتابة عنده ليس غاية ولكنها وسيلة لكي يعطي القارئ نفحه من روحه .. نفساً من أنفاسه .. يزيح عنه دخان الزيف وغبار الكذب لكي يعطيه دخاناً آخر ذا إحساس مختلف ينمى بداخله أشياء ليس هذا المكان ولا الزمان المناسب لذكرها

السبب الثاني الذي انسحب من أجله رامز الشرقاوي في هذا الوقت يعكس الأخلاقيات المصرية الواضحة التي يتميز بها ، ولنا الآن أن نتخيل ماذا لو انتشرت ملحمة الخمسة أجزاء على نطاق واسع قبل استلام محفوظ لجائزته !! ، بالتأكيد ستمحي الثلاثية وتتخطى أولاد حارتنا وتقتل الحرافيش في مهدها وتضع العجوز السبعيني – وقتها - في مأزق ، وهو ما لم يرتضيه الشرقاوي ..

حتى العودة البسيطة التي جاءت في منتصف التسعينات تقريباً ، لم تكن رغبة منه في العودة قدرما كانت ضرورة ملحة فرضتها عليه معطيات الأمور :

الى ان هناك حدث قد جعلنى اعود الى الكتابة بعد ذلك التوقف .....
قام احدهم بطعن نجيب محفوظ لأنه كافر و السبب رواية " اولاد حارتنا " التى لم يقرأها الطاعن لسببين أولهما أنه آمي و الثاني أنها لم تنشر اساسا .
و نتيجة ذلك و لأنى ملتزم مهنيا و لأنه عيش و ملح و عشرة عمر فقد قررت ان املأ الفراغ الذى تركه محفوظ و ان اظل اكتب حتى يكتب له الشفاء و يعود الى الساحة الادبية فأنسحب فى هدوء تاركا له مكانه و قد اديت واجبى نحو أحد الزملاء

وقتها عاد الشرقاوي ، قبل يتوارى مرة أخرى – كما وعد – بعد شفاء نجيب محفوظ من الطعنة الغادرة

إلى أن يعود من جديد في منتصف 2005 إلى الصورة .. متحدياً الصعاب .. مواجهاً التحديات .. مقدماً كتابات تهيم في حب الوطن وتعكس قيمه

وقبل الحديث عن كتابات رامز الشرقاوي يجدر بنا أن نطلع أولاً على الروافد الفكرية التي كونته

بدأ رامز القراءة في سنًّ صغير من أصعب طريق وهو الطريق الذي يعكس السير الشخصية لبضع شخصيات كان لها دوراً لافتاً في تاريخ البشرية :

كنت فى تلك المرحلة مرحلة التكوين اميل لقراءة كتب التراجم و السير الذاتية خاصة فى الادب العالمى و كنت اقرأ السير الذاتية الخاصة بميكى و بطوط و سمير

دون أن يغفل لجوانب هويته العربية .. المصرية :

اتجهت كذلك الى الأدب العربي و خاصة الاتجاه القومى العربى التقدمى الوحدوى المتمثل فى " الشياطين ال13 " و " رجل المستحيل "

متأثراً – في واحد من جوانب تكوينه – بالثورة العلمية التي وصلت لمجدها الأكبر في العقود الأخيرة من القرن العشرين :

كانت الحركة العلمية فى ذلك الوقت فى قمتها خاصة فى وجود عالمين مثل عبقرينو و بندق كان لهم أثر بالغ في وأثر على قراءاتي فاتجهت إلى : العلوم المستقبلية فى " ملف المستقبل " و الباراسيكولوجى فى " ما وراء الطبيعة

إلا أن كل تلك القراءات التي حصلها الرجل في سنًّ صغير لم ترضِ أبداً روح الباحث بداخله فاتجه إلى الأسس – خش ع التقيل - :

ثم اتجهت بقراءاتي الى كتب الذخائر و التراث حيث بدأت فى اقتناء مجلدات تان تان و كابتن هادوك

مهتم بالسينما ويبحث عنها أينما وجدت :

كنت اشاهد تراث السينما العالمى كل جمعة فى سينما الاطفال

ولم يغفل أبداً تاريخ السينما المصرية كجزءً لا يتجزأ من تكوينه :

في تلك الفترة بدأ الاهتمام بتاريخ السينما المصرية المتمثلة فى افلام السبعينيات و خاصة خالدة الذكر افلام" ناهد شريف " و تهتم بمشاهدة بعض افلام التراث مثل " حمام الملاطيلى " و " سيقان فى الوحل " و " ذئاب لا تأكل اللحم " و يتركز فى ذهنك بعض المشاهد مثل المشهد الخالد فى فيلم الكرنك... مشهد فرج و سعاد حسنى

لرامز توجه أيديولوجي واضح بدأ منذ نبته تكوينه الأولى :

تأثرت بالصراع الايديولوجى القائم بين عم دهب بتوجهه الرأسمالى و عم بطوط الثورى بتوجه اليسارى و حفاظه على القيم و العادات و التقاليد فى تربية جيل المستقبل سوسو و لولو و توتو

مما جعله يأخذ من شعار "ضد الفساد" منهجاً وقانوناً ، لا سيما مع اطلاعه ضمن قراءاته الأولى على سيرة "عصابة القناع الأسود" وانتهاء الأمر بهم إلى السجنِ دائماً مما ترك في نفسه أشد الأثر

تلك هي الروافد الأساسية التي كونت الظاهرة التي تسمى رامز الشرقاوي وألقت – فيما بعد – ظلالاً واضحة على كتاباته

كتابات رامز نفسها تعكس روح الوحدة الوطنية :

كنت جالس امام الشيخ فرحات

مؤذن جامع الكلية عندما فاجاته بالسؤال التالى

كيف نقضى على المسلمين ؟

كل ما يحدث في العالم من سيئات هو بسببكم أيها المسلمون
فأنتم من فشلتم على إجابة السؤال الخاص بكم

كتابات لا يفرق صاحبها – رغم ديانته – بين مسلم ومسيحي أبداً :

كل ما يحدث في العالم من سيئات هو بسببكم أيها المسيحيون
فبغض النظر عن أي اعتبارات تكفيرية أخرى
مصيبتكم أكبر لأن سؤالكم أطول


كتابات بها رومانسية مميزة وصادقة :

انتى حمارة بقى .... هههه .... كل ده و مش رومانسى

انتى لازم تعملى اختبار ذكاء .... ههههه ..... غباء غريب

دا انا وديتك اماكن مرحتيهاش و صرفت عليكى

و كلمتلك عن وشك و جسمك يا تخينة ... هههههه

دا احنا مثقفين زى بعض و بلاش كده

و لا لازم تحملى منى علشان نتجوز .....هههههه

عجبتنى قوى اخر جملة دى .... رحت عديتها تانى

تعكس بوضوح أخلاقيات المجتمع :

انا ما عكستهاش و لا فتحت بقى , ابن بنت الم... بيتبلى على , انا متكلمتش ولا كلمة , كل الى حصل انى لقيت جسمها مربرب و شديد كده , قلت امسكه و اقلب فيه , اشوفه بلاستيك عمليات و لا اصلى , علشان لو مغشوش بلاستيك , انبه الواد الى معاها , و لو اصلى يبقى اطمنت على خير بلدنا

ذات لغة عربية رصينة وواضحة دون أي إطناب أو زيادة أو حشو لا داعي له عاكسة جماليات لا حصر لها :

ايه الحلاوة دى يا م...

ايه الجسم ده يا ش...

ايه ال.... دى يا بنت بنت الك...



----

هي كتاباتٌ في مجملها تدور في فلك من أفلاك الذاتية لتتجاوز الذات الصغرى الضيقة لتصل إلى الذات الكبرى وتنطلق لمساحات أرحب من الأطر العامة والواسعة لتسكب الأحداث في صميم الوجدان محققة روح التمرد المحلقة لفنان أصيل في إطار أدبي مستحدث ينبع من التجديد والتقديم والرفض والقبول وصولاً إلى عظائم الأمور بإذن الله

----

بعد أن توغلنا معاً في روافد الفكرية التي ينبع منها كاتبنا الكبير بل والأساسيات التي تعتبر بمسابة العمود الفقري لأدبه آن لنا أن نتوقف حتى لو لم نرغب في ذلك ..

بقى لنا فقط أن نذكر السبب الذي جعلنا نكتب هذا البوست البسيط وهو أن رامز الشرقاوي قد استجاب أخيراً لنداءات الجمهور من مختلف البلاد ونشر أولى مجموعاته القصصية على الصعيد الإلكتروني

رامز .. ابنكم المصون وآباكم المخلص
رامز .. المتواجد دائماً في صالون المعلم مشمش الثقافي بحثاً عن الجديد في عالم الدماغ
رامز .. يستخلص عصارة مجهودة وخلاصة تجربته لكي يقدم لكم كل ما هو مفيد وصالح
رامز .. من أجلكم كتب .. من أجلكم ينشر إلكترونياً .. ومن أجل أصواتكم المنادية والمحبة في شغف سينشر ورقياً بإذن الله

رامز .. يقف في صف أستاذه ومعلمه الأول "عبد الله كمال" مستحضراً روحه ويصرخ قائلاً في شجاعةٍ وجلد :

الله يخرب بيتك يا هيكل





---

- الكلام بالأحمر من السيرة الذاتية للكاتب الكبير وبعض من نخبة أعماله

- الكلام بالأزرق لواحد من أهم قراءه ومخلصيه " سندرل "

And the Oscar goes to ...


- النتائج الكاملة يمكن رؤيتها هنا

- مجملاً : كان الحفل أقل في مستوى تقديمه .. تنظيمه .. إثارته .. لحظاته التي لا تنسى .. من العام الماضي بشكل خاص ومن السنوات الماضية بشكل عام

- الإخراج سيء لدرجة مزعجة .. أكثر من مرة تدخل الموسيقى على أحد الفائزين أثناء إلقاء كلمته ، أكثرها فداحة وإزعاجاً بالنسبة لي حينما كاد يفسد فرحة ماركيتا آريجلاف – الفائزة بأوسكار أفضل أغنية – ودخلت الموسيقى بعشوائية عند بداية قولها لكلمتها قبل أن تهم بالمغادرة ولكنها تعود مرة أخرى في مشهد لم يحدث مثله ضمن مشاهداتي للحفلات السابقة

- نتائج متوقعة لدرجة الملل !

لا يوجد مفاجأة خاصة تحمل وقعاً على المشاهد ، حتى انفعالات الفائزين عكست ذلك وكأننا نعيد تقديم حفل قد شاهدناه من قبل

ولكنها عادلة بالفعل .. ربما لذلك كانت متوقعة

رباعية فيلم الكوينز .. رباعي التمثيل الفائز .. الجوائز التقنية الأهم .. كل شيء في مكانه الصحيح بالفعل

- لا أستطيع إنكار أن مستوى العام الإجمالي الذي لم يكن مرضياً بالنسبة لي أثر بالسلب على استقبالي وشغفي السنوي بالحفل ، هذا العام يقدم لنا الكثير من الأعمال التي تستحق المشاهدة .. ولكنه لا يقدم الكثير مما يمكن مشاهدته مرة أخرى ، بشكل آخر : هناك العديد من الأفلام الجيدة .. بل أن أغلب الأفلام المنتظرة لامست الجودة بالفعل .. ولكن قليلة هي الأفلام العظيمة التي ستعيش



- بالنسبة لي كان هناك مرشحون مفضلون أتمنى فوزهم بالفعل ، أكثرهم تغيراً كان في فئة التمثيل النسائي الرئيسي ، قبل الحفل .. كانت ماريون كوتيلارد هي ممثلتي المفضلة في الفئة بعد أن شاهدت أربع أداءات من المرشحات الخمس – لورا ليني فقط لم أشاهدها - ، تليها الديم البريطانية الكبيرة جولي كريستي .. ثم ابنة العشرين عاماً إلين بيج ، شاهدت أناقة جولي كريستي وابتسامتها الملكية فسرحتُ في كم التميز الذي يمكن أن تعطيه للحظة مثل هذه ولكن فور أن شاهدت إلين بيج !! عدلت بوصلتي تماماً - البنت زي القمر يا جدعان ! - ، تمنيت فوزها في تلك اللحظة فعلاً ! ، قبل أن أرى دموع كوتيلارد بعد فوز فيلمها بالمكياج .. فتتحد أمنياتي مع رؤيتي للأداء الأفضل في عودة لقواعدي سالماً :)


- بشكل جدي : لحظة صعود ماريون كوتيلارد نفسها كانت شديدة الخصوصية ، حينما فاز الفيلم نفسه بجائزته الأخرى الخاصة بالمكياج أتت الكاميرا على ماريون تبكي .. ابتسمت وقلت : "أمال لو انتِ خطفتيها من جولي كريستي وإلين بيج هتعملي إيه ؟!" .. وخطفتها بالفعل – أسوةً بما حدث في جائزة البافتا – وكانت ربما أكثر لحظات الحفل تأثيراً هي لحظة صعودها لتسلم تمثالها الذهبي من فوريست ويتكر ، إنجليزية متكسرة بلكنة فرنسية ساحرة "



- الحضور السياسي هذا العام كان منخفضاً بشدة .. لا يقارن بالأعوام الثلاث الماضية ، كمان أن ذكر اضراب الكتاب جاء في لمحات سريعة للغاية ، ربما ديابلو كودي – الفائزة بجائزة السيناريو الأصلي عن فيلم جونو – هي فقط من تحدثت بشكل واضح عن الأمر وأهدت جائزتها للكتاب


- المرة الأولى التي أشاهد فيها الكوينز يصعدان لتسلم جائزة أوسكار السيناريو الأصلي .. اجتاحني إحساس لا ريب فيه إن الاتنين عندهم "تاتش هطل عالي" :) ، شعور بدأ من هدوءهم الزائد في استقبال الفوز إلى الكلمة المرتجلة لجويل ووقفته غير المريحة وفي الخلفية حركات وجه إيثان التي ذكرتني تلقائياً "بعبد المنعم إبراهيم في "بين السما والأرض" .. رسخ هذا أكثر الشعور بعد انتهاء جويل من كلمته ليقترب إيثان من الميكروفون ويبدو أنه سيقول كلمة مهمة .. ثم يلتفت ناظراً في وجه أخيه .. ثم يعود للمايك مبتسماً في بلاهة قائلاً : "شكراً" :)
فكرني بأحمد حلمي في الناظر لما عمل نفس الحركة .. كوبي وباست
فعلاً فعلاً لو مكنتش مؤمن بعبقرية الكوينز كنت قلت عليهم هُبل

لكن في العموم - وبشكل جدي كذلك - صعودهم للمسرح في لحظات ثلاث : أفضل سيناريو .. أفضل مخرج .. أفضل فيلم – كمنتجين – كانت الأقل بريقاً والأكثر بروداً بشكل غير متوقع ، بل وحتى حماس القاعة نفسه كان منخفضاً للغاية

على الهامش : فين أيام سكورسيزي لما مسرح كوداك كله وقف يسقف لمدة دقيقة ونص متواصلين في لحظة تتويج وتكريم لن تنسى .. إييييه دنيا


- خافيير برديم سرق مني ما انتويت فعله عند استلام أوسكاري الأول بعد عدة سنوات ، شكر تقليدي بالإنجليزية ثم كلمة بالأسبانية لغته الأم ، انتويت فعل ذلك .. شكر تقليدي بالإنجليزية ثم كلمة بالعربية لأهالي بلدي – في جانب شديد الوطنية والإخلاص - .. مع إهدائها في النهاية ليوسف شاهين بالتأكيد

- فقرة الراحلين المعتادة كانت مؤثرة هذا العام أكثر – بالنسبة لي على الأقل – ، ربما لوجود أسماء كبيرة في كل جوانب الصنعة السينمائية ، بخاصة العظيمين "إنجمار بيرجمان ومايكل أنجلو أنطونيوني" .. مع الختام المؤثر بمشهد "جبل بروكباك" على هيث ليدجر

- كون الحفل هو الثمانين جعله مصبوغاً بخصوصية الاحتفال بالفائزين سابقاً في استعراض لهم تكرر أربع مرات .. للأفلام .. المخرجين .. الممثل والممثلة الرئيسيين ، استعراض جيد ذكرني بلحظات خاصة عشتها في السنوات السابقة ولحظات أخرى تمنيت مشاهدها يوماً – كمشهد صعود براندو لتسلم جائزته الأولى عام 1954 - ، إلا أنه في المجمل كان في الإمكان أحسن مما كان

- من أكثر اللحظات التي ضحكت فيها كانت عند صعود مصممة الأزياء أليكساندرا بيرن لتسلم جائزتها عن فيلم إليزابيث ، الفستان الغريب والأشبة بالخرقة البالية والنظارة الستينية .. من الممكن أن يكونوا مملوكين لأي شخص إلا لمصممة أزياء تتسلم جائزتها الأوسكارية الأولى

- الجوائز التقنية كانت مرضية بالنسبة لي في العموم

صحيح أنني تمنيت أن تذهب جائزة المونتاج للكوينز وجائزة التصوير لروجر ديكنز عن أحد ترشيحيه المستحقين ، صحيح أنني تمنيت أن تذهب جائزة الديكور وجائزة الأزياء للتكفير

ولكن ما نيل المطالب بالتمنى !

الأهم أن الفائزين لم يقل استحقاقهم عن هؤلاء الذين تمنيتهم

- التكفير يتوَّج بجائزة الموسيقى وداريو ماريونيلي يصعد لتسلم تمثاله الذهبي

كان من الصعب بعد عدم ترشيحه للإخراج أن يفوز التكفير بالأوسكار .. كان من الصعب أن يفوز بالتمثيل المساعد أو السيناريو .. ربما لم يكن مستحقاً لجائزة التصوير في وجود أعمال أكثر ابتكارية وأخرى أكثر سحراً وجمالاً

إلا أن أي نتيجة غير فوزه بأوسكار الموسيقى كان ليصبح جرماً

هذا واحد من أكثر الانتصارات صراحة في الفئة منذ بداية الألفية

شيئاً لا يمكن الحديث عنه .. فقط يمكن الإحساس به

- شاهدتُ إينشانتيد ولم أشعر أنه يستحق الفوز بأفضل أغنية رغم زخمه الموسيقي وروعته الإجمالية

لم أشاهد "وانس" بعد

ولكن حينما استمعتُ إلى الأغنيات الخمس بداخل الحفل ، أقسم بشعوري أن "فالينج سلولي" هي الأغنية التي ستحسم ، وحتى نطق ترافولتا لكلمة "آند ذا أوسكار جوز تو ..." كنت أقول ببطء "وانس .. وانس .. وانس"

تحفة غنائية جعلت الفيلم من أكثر الأفلام المنتظر مشاهدتها خلال الفترة القادمة

تحفة غنائية زادها جمالاً الأداء الرائع والإحساس الصادق والكيمياء العالية بين جلين هانسورد وماركيتا آريجلاف

- أكثر لحظات الحفل جمالاً وبريقاً وخصوصية كانت صعود دانييل داي لويس ليتسلم أوسكاره الثاني .. هي اللحظة الوحيدة خلال ثلاث ساعات ونصف التي صرخت فيها – ورغم كون الفوز متوقعاً - : هييييييييييييييه ، وهي اللحظة الوحيدة كذلك التي امتلك وقعها أثراً قريباً من لحظة إعلان فوز سكورسيزي الاستثنائية العام الماضي


ضع نفسك معي في قلب الصورة لتتفهم وقعها علي :

1- دانييل داي لويس هو ممثلي المفضل – أي أكثر من أحب مشاهدته على الشاشة – بعد مارلون براندو وجيمس ستيوارت .. وأحمد زكي

2- بالنسبة لي أيضاً هو أعظم أبناء جيله – الذي يضم فطاحله كهانكس وواشنطون وسباسي وشون بن - واحد من أعظم الممثلين في تاريخ السينما على الإطلاق ، بل هو أفضل ممثل يعمل فيها حالياً ، وهو الوحيد الذي يخرج النقاد بعد كل دور من أدواره بجمل من قبيل : "لا يمكن أن يفعلها هكذا سوى لويس"

3- عودته هذه تأتي بعد خمس سنوات من عمله العظيم مع مخرجي الأمريكي المفضل عبر العصور مارتن سكورسيزي .. لتكون العودة مع واحد من أكبر معجبي ومحبي سكورسيزي المتأثرين به وألفة هذا الجيل من المخرجين في نظري بول توماس أندرسون

4- أداؤه عظيم فعلاً .. واحد من أفضل أداءات الألفية

5- تسلمه الجائزة ( الملكة ) العظيمة هيلين ميرين التي قدمت العام الماضي أفضل أداءات الألفية بكافة صنوفها – من وجهه نظري -

6 – لحظة بريطانية ملكية خالصة .. ( ديم ) تسلم تمثالاً ذهبياً عالي القيمة ( لسير )




كل هذا جعلها اللحظة الأكثر انتظاراً بالنسبة لي .. يزيدها دانييل خصوصية وروعة
بدءً من قبلته لريبيكا ميلر .. حضنه قبل صعوده للمسرح لجورج كلوني – منافسه الرئيسي - .. انحناءته الخاصة جداً والعظيمة جداً ( للملكة ) .. وكلمته التي أراها الأشد تماسكاً وجمالاً بين أغلب ما قيل



بيل الجزار يربح أوسكاره الثاني مع مارتن سكورسيزي الجديد

رائع

- ختام موسم سينمائي منخفض البريق بحفل منخفض البريق هو الآخر ، ولكن يكفي أن كل الجوائز ذهبت إلى مستحقيها بالفعل

shadow of the past



ربما انتهينا من الماضي ولكن الماضي لم ينتهِ منا

08 فبراير 2008

كل اللي عاشوا في حضرتك حلوين


أجمل ما في الشعور الذي أمر به الآن هو أنني أرى مصر .. حلوة بجد

ليسَ لأننا فُزنا ولكن لأن هذا الفوز جعلنا نرى مصر بشكلها الحقيقي

مصر المصرية ربما

" لما كنت برقص مع عيال معرفهمش حوالين العلم من شوية في جامعة الدول وعمالين نحضن بعض ونلف وندور بهستيرية .. كنت شايف وحاسس مصر بتبتسم ، مش أهل مصر .. مش شوارعها .. مش بيوتها .. مصر نفسها كانت بتبتسم "

اعرفي يا مصر نفسك

في اللي غنَّى للبنفسج

واللي يغزل واللي ينسج

واللي يفلح في الغيطان


نحنُ كبار بالفعل

ليسَ بضربة حظ

وليسَ لأن الآخرين صغاراً بل ربما هم - كما كنا نراهم - عمالقة

نحن كبار .. لأننا كبار

ومصر جميلة ومدهشة

تمتلك دائماً أفضل مما نراه منها

وتنالُ في الغالب أقل بكثير مما تستحق