18 أبريل 2014

الكُتُب التي تحمل الزَّمَن.. (2013)


في نُص السنة اللي فاتت تقريباً.. كُنت مقرّر إن أول ما السنة تخلص هَكتب بوست عن أقرب الكُتب اللي قريتها فيها ليَّ.

مَكُنتش مَعني بالكُتب أوي، بقدر ما مَعني بالتأريخ، السنة اللي فاتت هي أكتر سنة فكَّرت فيها في "الزَّمَن"، وبقى عندي محاولات مُتناثرة في الإمساك بيه، والتَّحَكُّم فيما سيذهب أو يبقى، وبوسائل مُختلفة يطول شَرحها.

واحدة من الوسائل دي كانت الكُتُب، وأكاونت "جود ريدز" اللي كانت أول مرة أستخدمه، طريقة الكتابة عن الكُتُب كتدوين عن أيام قراءتها.

النظرية عندي إن الكُتب، على عَكس الأفلام، بتشيل زَمَن، مش بالضرورة هتفتكر الوقت اللي شُفت فيه الفيلم الفُلاني، وباستثناءات نادرة فالـ"وقت" مش هيتدخل في محبّتك للفيلم من عدمها، هُمّا "ساعتين زَمَن"، حرفياً، لكن الكُتب مش كده، هي بتشيل وَقت، أيام وأسابيع، وأحياناً إيقاع الحياة كاملةً بيتشكّل مع أوقات القراية، للسبب ده الكُتب صالحة جداً لحِمْل الزّمن، المُعبَّر المادي المُباشر بالنسبة لي عن ده إننا مُمكن نِشَخْبَط أو نِدَوّن هوامش عَ الكُتب، بس ده مش مُحْتَمَل مع أي وَسيط تاني انتَ فيه الطَّرَف المُتَلَقّي.

المُهم إن بعد السنة ما خِلصت مكنش عندي نفس القدر من الحماس اتجاه كتابة البوست، مفيش سبب مُعيّن، جَذْوَة مُنْطَفِئَة مش أكتر، بس حَصَل 3 حاجات في الأيام اللي فاتوا خلُّوا الموضوع قُريّب، وخلُّوني، حالاً، الساعة 12:44 صباحاً، أفكر إن ليه مش دلوقتي؟

الـ3 حاجات كانوا لما ذَكرت في البوست اللي فات كلام عن البوست ده، فيه أسطورة شخصية جداً عمري ما قلتها لحد.. وهي إني غالباً لما بَدوَّن مُلاحظة ما عن شيء هَكْتِبه.. فَبَكْتِبُه، وبحب إن الأسطورة بتمشي بتلقائية، أنا مبتحرَّكش ناحيتها، بس الحاجات بتحصل.

الحاجة التانية لما من كام يوم رَضْوَى بعتت لي رسالة عنوانها "قَلْبَك.. سنابل قمح متَّاكلة"، الجُملة الافتتاحية للريفيو بتاعي على جود ريدز لديوان بهاء جاهين "الفلاح الفصيح"، اللي بتحمل كل ما يمكن قوله عن فترة قرايته، عن صباح هادئ بيحمل كُل الأسى في أماكنه، والجملة كأدق تعبير مُحْتَمَل عن المحبَّة المُنْهَكَة، والصورة اللي كُنت بشوف نَفسي بيها في مارس البعيد هذا، لما رضوى بعتت لي دخلت قَريت حاجات قديمة من اللي كُنت كاتبها على مَدى سَنة، وكان فيه اختبار غير مقصود لنظرية الكُتب التي تَحْمل الزّمن –بفكَّر إني أسمّي البوست كده، لما أخلَّص هَقرّر!- .

الحاجة التالتة لما نُهى قالت لي من كام يوم إنها اشترت رواية "الغابة النرويجيَّة"، الرواية اللي عارف من سنة مثلاً إنها أكتر عمل أدبي أحببته في حياتي، وإني لما أكتب بوست الكُتُب هَقول إنها روايتي المُفضَّلَة، قعدت اتكلمت شوية عن الدوائر اللي اكْتَمَلَت بالرواية، وعن وقت قراءتها اللي مش هَيُنْسَى، وعن اللحظة المُقدَّسَة اللي كَتَبت فيها لـ"واتانابي"، وأنا في نُص الرواية، إنه لازم يَترك الماضي وراءه ويَلْتَفِت لـ"ميدوري" الأعز، وشخصية في آخر الرواية قالت له نفس الكلام نَصاً.

البوست ده تأريخ شخصي بتون مُختلف للسنة اللي فاتت في حياتي، مش عن الكُتُب بالضرورة، والتَّرقيم مش دقيق ولا بيعني حاجة صارِمَة قد ما هو مُحاولة لغَربَلَة الزَّمَن:


12- بيت الدُّمية.. هنريك إبسن (سبتمبر 2013): لسببٍ ما آخر حاجة موثَّقها على "جود ريدز" كانت المسرحية دي، ولسه مستشهد بيها من وقت قريّب، أظن من مخاوفي الكبيرة في الدُّنيا إن البني آدمين في أوقات الاختبارات الصَّعبة يبقوا صورة مُختلفة لما ظَنُّوه عن أنفسهم، ما يُمكن أن يُعرف بالـ"خذلان"، صورة عميقة جداً من خُذلان الناس لذواتهم قبل ما يكون لبعض، المسرحية كانت مُهمّة بالنسبة لي في ده تحديداً.

11- يونس في أحشاء الحوت.. ياسر عبداللطيف (أبريل 2013): كُنت في العربيَّة، رايح الوقفة الأولى لحسن مُصطفى في المنشيَّة، قريت الكتاب في السكة، الذكرى هنا مش هتنفصل عن قيمة الكتاب ككل، من قريّب ماجد كان اشتراه وكُنت بقلّب فيه، وقريت قصة "الرُّسُل" مرة تانية، كان تأكيد لمكانة الكتاب عندي وإنه من أجمل المجموعات القصصية اللي قريتها من زَمَن طويل.


10- الأعمال الكاملة لمُريد بَرغوثي (أغسطس 2013): كُنا في سانت كاترين، فوق إحدى الوديان، قُرب الفَجر، كان معايا الدّيوان اللي اشتريته قبلها بوقت قليل، عَلْيَاء اقترحت نِلعب لِعبة الصَّفحات العشوائية، كل واحد يختار رقم ويفتح الصفحة يقرا اللي طِلع له، "يا مُريد.. اعطنا شيء يُسْعِد هذا الجمع"، وما جَرَى بعد ذلك يَخُص أصحابه فمش عايز أستفيض في وَصفه، بس كانت لحظات مُقدَّسَة ومُكتملة جداً.
بعدها، مفتحتش الديوان مرَّة تانية، ومَظُنش إني بحب أصلاً شِعر مُريد أوي، بس بفكَّر إن الكتاب شَال اللحظة دي خلاص، وإن ده كان كافي.


9- العُنف والسخرية.. ألبير قصيري (أبريل 2013): لولا الثورة، واختبارها للنظريات اللي كتبها قُصيري في الستينات، مَكُنتش هقدر الرواية دي بهذا القدر.


8- المانفيستو.. مصطفى إبراهيم (مايو 2013): «شيَّع صُحابك من معركة بالليل
/والصُّبح.. فرَّج دمُّهم للخلق/ولأتوبيسات الناس.. الرايحة للأشغال/زعَّق بصوت رايح.. وبحشرجة في الحَلق/واسْكُت.. عشان مبقاش.. فاضل كلام يتقال». المَقْطَع ده هو (كُل) حاجة بالنسبة لي.

7- 1984.. جورج أورويل (أغسطس 2013): غالباً لو مَكُنتش أعدت قراية الرواية في أيام مُنْحَطَّة جداً زي اللي قريتها فيها مكنتش هتبقى لها نَفس القيمة.
كان بعد المَذبحة بوقت قليل جداً، وكنت بَمر بمرحلة عدم اتزان تامَة، لدرجة إني مش قادر أكون لوحدي، وده كان شيء أول مرة يحصل في حياتي، رُحت قعدت مع رَجَب ومُصطفى عشر أيام تقريباً، لقيت الكتاب موجود هِناك، وكُنت قريته مرة من ست سنين مثلاً، ودي كانت المرَّة التانية، بدا كإني براقب انهيار المَدينة جوَّا الرواية، وكل شيء بيحمِل مَعنى أعْمَق بكتير في ظل الجنون اللي بيحصل برَّة، كانت أيام مؤذية وحَزينة جداً.



6- رأيتُ رام الله.. مُريد البرغوثي (يوليو 2013): 

 
"انتظرت رضوى عودتي إلى بيتنا سبعة عشر عاماً، وعندما عُدت.. عُدت ومعي الأعوام السبعة عشر كلها، ومعها الأعوام السبعة عشر كلها"

كُنت بفكَّر دلوقتي، لمّا بصيت عَ الريفيو اللي كُنت كاتبه على "جودريدز" إن الكتاب ده يُشبه الفكرة العامة بتاعة البوست، التعامُل مع الزَّمن، كُنت بَصِف وقتها إن "
مُريد بيتسغرق تماماً في الذكريات، بيسيب نَفسه ليها، في آخر الكتاب هو بيقول إنه مش عارف حَكَى إيه ومَحَكاش إيه، وده حقيقي، ميبدوش إن الكتاب مُخطط مُسبقاً، دي كتابة واحد قارب عَ السّتين بيشوف حياته كلها في رحلة عدَّة أيام، يفتكر اللي يفتكره وينسى اللي ينساه" عشان كِده الكتاب ده زَمَن مش مَكان، وعشان كده هو الكتاب اللي لما خلصته كنت بفكَّر في قد إيه الكُتُب العَظيمة بتشيل ذكرياتك أثناء قراءتها
كانت القراءة التالتة، "
قريته ببطءٍ ساحر. بطء عزيز. أثناء الأيام الصَّعبة، بدأت أقراه يوم 3 يوليو مع عَزل مُرسي، الخبر اللي سمعته بالصدفة وأنا مِعَدّي من اعتصام الإسلاميين في رابعة عشان رايح لشريف وفضل، كنت بفكَّر إن بدقني الشَّعثاء والسَّبحة المَلفوفة على إيدي اليمين ورواية تحمل اسم "رام الله" في إيدي.. لو الجيش اقتحم مثلاً ومُت هِنا محدّش هَيْشُك لحظة إني معاهم"
بعدها، تحدُث عَرْكَة أهليَّة فأقرأ صفحتين أو ثلاث، نَتَصَبَّح بمجزرة فيمر اليوم دون قراءة حَرف واحد، بس مُجْمَلاً كان الكتاب رَفيق مُهم للأيام، حتى في الكلام عن الضَّجَر من الوطن، وملازَمَة الثورة بالانتفاضة الفلسطينية في مُخَيّلتي، ده معنى المُفتتح في البوست ده.. الكتب العظيمة كده.. بتبقى مَوصولة دايماً بلحظة قرايتها، بتخلق لنفسها وجود وقيمة ومعنى مُختلف في "زمن القراية" نفسه


5- وردية ليل.. إبراهيم أصلان (يوليو 2013): 


- رَحَمَ الله أمنا «رأفة»/ماتت/وضاعَت المَكْحَلَة/ولم يعد باقياً إلا القليل/وظَلَّ المَثلُ ثائِراً/كلما ضاقَت أو ثَقُلَت الأحزان: «جبال الكُحْل.. تفنيها المراوِد»

- في أكتوبر 2011 أعدت قراءة أدب إبراهيم أصلان مرة تانية، مَر عليَّ بالأيام الأصعب/الأجمل على المستوى العام والشخصي، في محمد محمود ومجلس الوزرا، إسكندرية آخر السَّنَة، وهبة في أول السنة الجديدة، ويوم 7 يناير 2012 شريف بعت لي رسالة موبايل مُقتضبة من 3 كلمات وعلامة تَعَجُّب «إبراهيم أصلان مات!»
- وقتها، كُنت مأخوذ بكل تفصيلة صغيَّرة في كتابته، نوعية الحكايات اللي بيحكيها، التفاصيل اللي بيلتقطها، التقطيعات والفصلات وطريقة استخدامها، كرجلٍ عَجوزٍ يأخذ نَفسه في نُص الكلام قبل ما يُكمّل ما يَحْكِيه، ورغم إني مقرتش ليه في 2012 كلها إلا رواية «عصافير النيل» في نوفمبر، وأثناء اشتباكات محمد محمود التانية، بس كان بيزداد عندي يقين كده إن ده أقرب كاتب مَصري ليَّ على الإطلاق، وأكتر واحد أثَّر فيَّ كذلك
- يوم ما قريت المُتتالية دي، يوم 19 يوليو، كُنت عَيَّان، وفي بيت أهلي، بَبُص عَ الكتب في الدُّرج القديم بتاعي، وطلَّعت «ورديّة ليل»، اللي كنت قريتها من كذا سنة، ومقريتهاش في طَلعة 2011 الأهم في علاقتي بالراجل، كنت ناسيها تماماً، وبدأت بـالـ«فاتحة» العَظيمة، وفي 100 صفحة تقريباً.. كل حاجة أحببتها في أدب الراجل كانت موجودة هِنا
- بفكَّر دايماً إني لو هتناقش مع حد فليه المتتالية دي «عمل أدبي عظيم» بالنسبة لي مش هعرف أصِف أوي، الموضوع ليه علاقة بـ«الحِسّ»، مش الحِس بمعنى الشعور، لأ الحِسّ اللي هو الصوت، حكايات إبراهيم أصلان دايماً مُرتبطة في بالي بـ«حِسّ» ونَفَس مُتقطّع وشعور إجهاد بيُغالِب نَفسه عشان يكمّل
- المُتتالية الصغيرة كُتِبَت في ستّ سنوات طوال، عشان كانت بتكْتَمِل، فعلاً، بأنفاسِ الخلائق
- أكثر ما تبقى؟: «وفي الطريق، كان سُليمان يكتفي بالنظراتِ العابرة، لأنه لم يَكُن يُحِبّ إلا هذه الأشياء التي كانت نادراً تُصادفه دون تقليب، والتي كان يعرف، على نحوٍ ما، أنه سوف يلقاها، فيلقاها، ويتجه إليها، ويشتريها، لأن السنوات الطويلة التي جرّب فيها علّمته أنه لو عانَدَ نفسه ولم يأخذها، فإنه سوف يأتي يوم الجمعة التالية إلى السوق باحثاً عنها وهو يعرف أنه لن يجدها، فلا يجدها، حينئذٍ يحسّ بالخسارة، ويظل طول الوقت يذكرها، ولا يعرف كيف ينساها».


4- كافكا على الشاطئ.. هاروكي موراكامي (آواخر أبريل 2013): 


هنروح ونقول لمين طيّب؟ :)
فيه سبب إن أدب "موراكامي" يكون قريّب منّي للدرجة دي في الوقت اللي قريته فيه تحديداً، بعد أغسطس 2012 كُنت بفكَّر كتير جداً في الزَّمَن، في الذكريات، و"ما يتبقَّى" منها، في الصورة اللي هيكون عليها البني آدمين بعد تجارب عَنيفة في حيواتهم، أظن إن ده تحديداً هو اللي بيحرَّك أدب الراجل، كُل ما قرأته منّه عَ الأقل.
الرواية دي، والكتاب اللاحق، هما تجارب القراءة الأهم في السنة، ده القَصد بالإيقاعات اللي بتتشكّل مع الاستغراق، الطريقة المُثْلَى اللي مُمكن أفتكر بيها أبريل اللي فات هي أوقات صَباحيَّة في البلكونة بَقرا فيها الرواية، وكل فَترة والتانية أنظر للقُطَط اللي في البيت ويبقى عندي يقين بنسبة 50% إني لو كلّمتهم دلوقتي هيفْهَمُوا. عَمَل مُدْهِش جداً، مفيش تَوصيف بالنسبة لي أدق من "الدَّهْشَة".


3- كرة القدم بين الشمس والظّل.. إدواردو جاليانو (بين يونيو-أغسطس 2013):  

تلات شهور في الكِتاب، مَكنش بس عشان بقراه "بي دي إف"، لكن الأهم كان مُحاولة تتبُّع كل التفاصيل والفيديوهات والأشخاص اللي هو بيتكلم عنهم أثناء القراية.
كُنت بدأت في قرايته قبل 30-6، وتابعت، على مدار الشهور التلاتة، العالم، عالمه جوا الكتاب، وعالمي برَّاه، وهو بيفقد أي بوصلة أخلاقية، بيسْقُط قيمياً وبينهار تماماً، وده كان ليه أثر مُهم في قيمة الكتاب بالنسبة لي.
كان من المُلْفِت إن في الصيف ده حَصلت أغلى صفقة في تاريخ الكورة، في مُقابل تَفتيت لاعب زي "نيمار" وتحويله لأسهم مُباعة بين أطراف مُتعدّدة، كان المُلْفِت إن "زَمَن" القراية اقترن بالوقت الأكثر انحطاطاً فيما عَايشته في حياتي، وتون الكتاب، والأسى المُدْهِش اللي كُتِب بيه، كان بيعْكَس كُل ده جداً.

«وكان لدى الرَّب وقتاً ليهتم بشؤون كرة القدم»، من أجمل الكُتُب اللي قريتها في حياتي طَبعاً



2- قواعد العشق الأربعون.. إليف شافاق (نوفمبر 2013): 

 
- في يناير 2013، كتبت بوست، كجزء من رسالة لشخصٍ عَزيز، ما تبقَّى منه كان جملتين صاحبوني بقيَّة السنة: «الله لا يقف بعدادِ سيئات يَحْسِب به الوارد من عباده، الله يَنظر للقلوبِ والأرواح»، و
«الله لا يُبارح الطُّرق يا فاطِمَة، حتى المُعْتِم منها»، في نوفمبر 2013 قريت الرواية دي.. كانت بتقول «إن إلهي ليس بقالاً ولا مُحاسباً»، «اسمه الواسِع فكيف يَضيق بنا؟»، وهَكذا، في أكثرِ من موضع، ألاقي حاجات كتبتها في وقت موجودة هِنا بصيغ شبة مُتطابقة.
- في بداية الرواية كنت بمارس قدر لا بأس بيه من الحياد العاطفي، بَقول إن فيها مَشاكل في البُنا، الحوار مش قد كده أحياناً، إن فيها قدر من الرُّومانسية أكبر من عقلانيتي حالياً في التعامل مع العالم، مع الوَقت صِرت مُتَيَّمَا، مش عشان أي حاجة من دول راحِت، بس عشان الأثر هو المُهم مش التفاصيل!
هَشرح، من أكتر الحاجات اللي بفكَّر فيها باستمرار برضه هو إيه المُهم بحق وحقيق، إيه الجَوهر بتاع كل حاجة، الفكرة الصوفيَّة دي عن الغاية، بس بمدَّها على كُل شيء، المُهم مش الصلاة أو العبادة قد ما مِعرفة الله واستبقاءه، المُهم مش إن التَّصوير يبقى مَظبوط والمونتاج مفيهوش هَنَّات وكل شيء مُكتمل.. قد ما إن الفيلم يحقق الأثر اللي بيتحرّك ناحيته، مش مُهم تِفهم الشّعر أو وزنه وقافيته يكونوا مظبوطين قد ما مُهم إنه يَقترن بذكرياتك ويمسّك بشكل عَميق، مش مُهم المدينة تبقى مثالية قد ما تبقى حاسس بالانتماء ليها، فيه «وسائل»، كلها مش مُهمة، وفيه «غاية» هي الشيء الحقيقي المُرَاد وبيسْقُط كل شيء تاني لو تحقَّق.
- مش عارف قد إيه شَرَحت بشكل جيد، غالباً لو قدَّامي هعرف أشرحلك أحسن، بس المُهم إنه مع الوقت الرواية بقت كده بالظبط، كل عوامل الاستنقاص بقت حاجات مش مُهمَّة، في مُقابل التجربة والأثر اللي سابته فيَّ.
- أول ما عرفت سُهَى، في أكتوبر 2012، سألتني "لو انتَ رواية هتكون رواية إيه؟" مكنتش عارف أتفاعل مع السؤال بشكل جيّد، وبالتالي مَكنش عندي إجابة خالص، في نوفمبر اللي فات.. مَكُنتش بَفتعل إني ألاقي انعكاس نفسي جوا الرواية عشان فيه كلام قُلته قبل ما أقراها بوقت طويل ولقيته هناك، "وأمَّا في ذلِكَ اليومِ فسَنَرى وَجهًا لِوَجهٍ"، فكانت الإجابة واضحة

1- الغابة النرويجية (أوائل أبريل 2013)



12 أبريل 2014

وأمل


أوقات كتير، في الفترات الأخيرة تحديداً، بيحصل إن يبقى في بالي إني عايز أكتب عن حاجة مُعيَّنَة، وأفضل أأجل لحد ما الجذوة بتاعة اللحظة تروح، أنا شَخص كَسول جداً، والقدر اللي بَنجزه بالنسبة للي بفكَّر فيه قدر ضئيل فعلاً

من 4 أيام كُنت عايز أكتب بوست عن "بروسيا دورتموند" بعد ما خرج من دوري أبطال أوروبا، كنت عايز أربط البوست ببوست السنة اللي فاتت اللي قلت فيه إن ماتش النهائي قدَّام بايرن ميونيخ كان من أكتر المرَّات اللي أتحمَّس فيها تشجيعاً خلال السيزون، وإنه كان مساحة مُتسعة للآمال العَظيمة، وشيء مثالي للتذكُّر رغم الهزيمة

بعد ليلة مايو اللي فات دي قرَّرت إني هَشجَّع "دورتموند" في الموسم الجديد، أتفرَّج على فيديوهات قديمة للفرقة، أقرا كل المُتاح عنهم، الفريق ده مثالي فعلاً لفكرتي عن الكورة، من أجمل الكُتب اللي قريتها السنة اللي فاتت كان كتاب اسمه "كرة القدم بين الشمس والظل"، وبالمناسبة أنا بقالي 4 شهور عايز أكتب بوست عن الكتب اللي قريتها السنة اللي فاتت وارتبطت بذكريات بس زي ما قلت فوق اللي بنجزه بالنسبة للي بفكر فيه دايماً ضئيل، بس المهم إن "إدواردو جاليانو"، مؤلف الكتاب، كان بيقول بشكل عابر إن "كرة القدم هي الوطن"، تقريباً في سياق حكاية عن مُنتخب أورجواي، صاحب أجمل حكايات الكتاب نظراً لجنسية مؤلفه، وكان بيحكي بشاعرية مُفرطة عن إنه في العشرينات كان الفريق مكون من عُمَّال وأصحاب الحرف الصغيرة، وإن "فلان الفلاني" عمره ما عرف يعني إيه "وَطَن"، بس لما وقف في المَلعب في روسيا عشان يلعب مباراة وديَّة، وكان علم أورجواي بيرتفع، بشمسه الذهبية المُميزة، حس برعْشَة بتسري في أوصاله، وأدرك إن ده ربما هو الشعور بالوطن

كُنت بَقول بقى إن "دورتموند" بالنسبة لي بيحقق الجملة، "كرة القدم هي الوطن"، فيه موضوع هَكتبه يوماً ما اسمه "مُعجزة المُدرج الجنوبي"، عن الصورة اللي استطاع بيها الجمهور والمُشجّعين (بس) إنهم يبقوا النادي حيَّاً، يرفضوا بيعه أو دخوله في أمور استثمارية، رفع كلفة التذاكر، التبرُّعات، الكثافة الحضورية الأعلى في العالم، الحناجر التي لا تتوقف عن الصراخ لعشر سنوات أو يزيد، والنهاية الإعجازية من الإفلاس في 2002 لتاني أفضل نادي في أوروبا السنة اللي فاتت، كرة القدم هي الوَطَن كمان عشان المَلحمة، عشان الماتش هو رقعة حرب صَغيرة، في ماتش مالاجا السنة اللي فاتت يورجان كلوب قال للعّيبه بين الشوطين "الآن يتوجب علينا الخيار، إما أن نعيش معاً كفريق، أو نموت كأفراد"، بحب الجملة جداً، تليق فقط بالمعارك والحروب وماتشات الكورة، وبيبقى لها مَعنى بس لما الفريق بيجيب جونين في آخر 4 دقايق، يَعيشوا مَعاً كفريق، وتظل سيرتهم باقية

مَفوّتش ماتش لدورتموند السيزون ده تقريباً، وبعد البداية المثالية كل شيء بعدها كان مُعاكس، بَفتكر الخسارة 2-0 قصاد مونشنجلادباخ باعتبارها أول لَحظة تَهتز الصورة، وانفراد العِلق مُختاريان قصاد بايرن ميونيخ لما كنا خسرانين 0-1 باعتبارها اللحظة اللي بدا فيها تماماً أن الأمور لن تسير بخير، ثم توالي الإصابات، 4 إصابات طويلة الأمد لعناصر الفرقة الأساسية، وإصابات متتالية للاعبين آخرين، كان موسم صَعب جداً، والهزيمة من ريال مدريد 3-0 في ذهاب أسبانيا كان أمر حَزين مُتوقَّع

لما قعدت أتفرَّج على ماتش العودة، بدا الأمر في البداية "بلا يأس ولا أمل"، بس بعدها بـ35 دقيقة صار "وأمل" جداً، 2-0، وأداء كبير، تَنطيط وصراخ، ورغم الخسارة بالنهاية –لإن العِلق مُختاريان ضيَّع 3 كورة حاسمة- كان فيه حاجة مُمكن نَبقى عليها، القدر ده من المَلْحَمة، كان هوملز بيقول إننا معرفناش نسمع صوت بعض من عُلُو صوت الجماهير، هو ده تحديداً، كرة القدم هي الوَطَن والحرب، والهزيمة مش أمر سيء خالص لو فيها القدر ده من الملحمية، الملحمية اللي تخلّيك قادر تتمسّك بالأمل، اللي هو شيء خَطير ويقود المرء للجنون زي ما إحنا عارفين

افتكرت كل ده بشكل عشوائي لما صحيت الصُّبح لقيت رَضوى بعتالي بوست نائل الطوخي عن مقطع "وصفولي الصبر" اللي كان بعنوان "وأمل"، وعشان ماتش "دورتموند" في العودة مع بايرن ميونيخ النهاردة، وعشان مَشاعر الحَماسة المُفرطة اللي بَشعرها ناحية الفريق ده، فكتبت البوست المؤجل من 4 أيام، بفكر حالاً إن كل سنة أبقى أكتب بوست عنهم بعد نهاية مشوار دوري الأبطال، وهيبقى شيء جَميل لما بعد وقت طويل أبُص عليهم ورا بعض ويكونوا حاملين للسنين والذكريات، وقد إيه هتبقى لَحظة عظيمة لو انتهى الأمر ذات مرة بإننا فُزنا بيه، كُل شيء مُحتمل، هَعْمِل كده إن شاء الله

ملحوظة: الصورة الأولى من احتفالات الجماهير بالفوز بالدوري سنة 2012 تقريباً، والصورة التالية من ماتش ريال مدريد قبل 4 أيام:




تحديث: كِسبنا بايرين ميونيخ 0-3 في أليانز أرينا، بأداء مثالي من الفريق بالكامِل، وفي المُقابل أرسنال كَمان اتأهل لنهائي كأس إنجلترا وبقت البطولة الأولى من 9 سنين أقرب من أي وقت تاني

11 أبريل 2014

"وَيُقال، أن العِبرة لا تُؤخذ من الحَقِ في الحال، وإنما الاعتبار بما يَظْهَر من حُسْنِ تَقديره في المآل"

الإمام القُشِيري – "لَطائِف الإشارات"