21 نوفمبر 2007

لــــب الخيــــال

"طريقُ الرجل الطيَّب محاصر من جميع الجهات بظلمِ واستبدادِ الرجل الشرير ، باسم المحبة والخير والإرادة الحسنة .. سأرعى الضعيف في وادي الظلمات"

اكتشفتُ بدهشة – وكأنني أعرف للمرة الأولى – أن كل قصة يمكن أن تروى بأشكالٍ مختلفة .. تقلبها رأساً على عقب !

يعرف هؤلاء الذين يقع مكان سكنهم .. عملهم .. أو سكن أحد أقربائهم بين إمبابة والجيزة هذا الميني باس الشهير الذي يصل بين المنطقتين ، أسكنُ أنا في المنتصف تقريباً .. عند تلك المنطقة التي يرمز لها بميدان لبنان ..

بالأمسِ كنتُ ذاهباً إلى صديقٍ لي في الجيزة .. وكاختيار بديهي ركبتُ أحد هذه الميني باصات ..

في فترة الظهيرة .. من الجيد أن تجد مكان تطأ فيه قدمك عوضاً عن طموحك المشروع بالجلوس ، ركبتُ أحدهم .. وقفتُ في بداية العربة ممسكاً كالعادة بالميدالية .. الموبايل .. كيس المناديل ، عند أرض اللواء ينزل العديدين ويركب آخرين .. يتبدلون ومع ذلك تبقى نفس الملامح والوجوه ، في ثواني أصبح هناك العديد من الكراسي الفارغة في مؤخرة العربة .. في ثواني ستمتلئ ، لذلك فقد اتخذتُ خطواتاً متعجلة للجلوس في كرسي مفضل في آخرها بعيداً عن مناوشات المقدمة المعتادة على فراغات تكفي لوضع قدمين – و ربما واحدة - ..

لا أعرف تحديداً ماذا حدث .. فقط أثناء مروري كان هناك سيدة عجوز تجلس على كرسي الخارجي .. بيدها كيس كبير به "رقاق" نصفه بالطرقة والنصف الآخر تضعه على قدميها .. بدا أن هناك مسافة كافية لمروري دون الاحتكاك بكيس الرقاق هذا .. إلا أنها صرخت بضجر :
- حاسب حاسب هتكسره هتكسره
- ما هو ...
- طب عدَّي بقى .. عدَّي

نطقت الجملة الأخيرة بتأفف واضح .. ربما مهين كذلك ، شعرتُ بتلك الصفة الأخيرة - بعد مروري وجلوسي بهدوء ودون رد - من خلال تلك الحسناء التي تجلس أمامي والتي رمقتني بطرفِ عينيها بإشارة بدت تنمُ عن شيء من قبيل : انتَ مش هترد عليها بروح أمها ؟؟!

ابتلعتُ الغضب بداخلي وحولت نظراتي بين الخارج حيناً وبين السيدة العجوز حيناً آخر .. لم أدقق النظر كثيراً في ملامحها فجميعهم يملكون نفس الملامح المُرهَقَة التي حفر الزمن لنفسه مملكتاً فيها .. نفس الأشكال بالفعل .. حتى بحبات العرق الدقيق التي تبرز على الوجه أيًّ كان الجو – صيفاً كان أو شتاء - .. والطرحة السوداء الرخيصة الموضوعة بغير عناية ولا اكتراث بما تخفيه – وما تظهره – من شعر .. والجلباب – الأسود دائماً - المُبَقَّع المثقوب من أسفل ويظهر تحته جلباباً أحمر اللون لا يقل رخصاً ولكنه يتكاتف مع أخيه لحمابتها من برد الشتاء .. تمسك كيس الرقاق هذا باصرار طفل يرضع في ثدي والدته بعد جوع ..

لم يكن الاهتمام بتلك التفاصيل منبعه النية المسبقة لما أكتبه الآن .. إطلاقاً ، فهذا لم يدر بذهني فالأمر حتى الآن عادي جداً .. نمر به جميعاً ولا يثير الاهتمام ..
لكن منبع الاهتمام بدأ من محاولة الوصول لأن ما فعلته كان الصواب .. وأنه – وإن كان كوَّن بعض الغضب – التصرف المناسب والسليم في حالة مثل تلك ، أنها ببساطة من هؤلاء الذين نسميهم ( شلق ) ونتحدث عنها على القهاوي بابتسامة عريضة باعتبارهم ( عالم ولاد كلب ) ، ما الذي يدخلني معها في صراع فارغ ؟؟ .. بل أن تصرفي يملك بعداً يجعل مني المؤدب الهادئ الذي اختار عدم الرد على امرأة في سن جدته برغم قلة زوقها ..

برغم الغضب .. فإنَّ مشاهدة الأمر بتلك الصورة كان مرضياً إلى حدًّ بعيد ..

إلاَّ أن شيء ما تحرك داخلي يليق بمن قرأ روايتي فيكتور هوجو "البؤساء وأحدب نوتردام" في سن الثالثة عشر وأعادهما منذ عدة أسابيع خارجاً بقناعة أن كل منا لديه منطلق واضح فيما يفعله .. لديه خير حقيقي بداخله حتى لو توارى وراء قناعات ترابية من العنف والشر والأنانية والقبح ..

حاولت جعل الأمر أكثر عمقاً من تلك السذاجة التي طرحتها بالأعلى :

بالنسبةِ لي : كان هناك مسافة كافية لمروري دون إحداث أي كسر بكيس الرقاق مما يجعل تصرف العجوز غير مهذب على الإطلاق .. ويجعلها – منطقياً – "ست شلق" ..

بالنسبة لها : فالأمر مختلف تماماً ، فما أنا إلا "شاب سيس" من هؤلاء الذين تراهم كثيراً .. لا يعلمون أي شيء عن قسوة الحياة ، يكتفي الواحد منهم بكونه يمسك تليفوناً أحضره البابا .. ومناديل يجففُ بها عرقه الثمين متأففاً من أمثالها من الذين تسبقهم رائحتهم ولا يمنعها مُذيل عرق مميز كذلك الذي يستخدمه ..

بالنسبة لي : كان المرور غاية .. المسافة كافية .. وحدوث خطأ ما يؤدي إلى كسر الرقاق ليسَ بذات الأهمية ويمكن محوه باعتذار مبتسم ..

بالنسبة لها : فحماية الرقاق هي الغاية الأهم .. الغاية الأسمى التي تعلو حتى على مشاعر أفندي لطيف مثلي – هكذا كنتُ سأوصف في مشهد مثل هذا برواية ليحيى حقي أوطه حسين ! - ، وحدوث خطأ ما يعني ضياع قوت يوم كامل .. أتدري ؟؟ يوم كامل قد يكفله هذا الكيس ، ولا معنى لهراء الاعتذار المبتسم هنا .. فالأمر أكثر جدية ، فعلى ماذا ستخاف وتصبح شرسه إذا لم تخف على طعامها وطعام أولادها من شخص لا يدرك شيء من كل هذا ؟؟

كان من الممكن أن ينتهي الأمر هنا أيضاً برؤيتي منطلقات كل منا ..

إلا أن هذا غيرُ مرضي !

فقد خرجت هي بالرقاق سليم .. ومع ذلك فقد خلفت لي الغضب وربما الإهانة ..

شعرتُ حينها بأن الأمر غير عادل
وحاولت إعادة تشكيل المشهد بأشكالٍ أخرى متاحة

"طريقُ الرجل الطيَّب محاصر من جميع الجهات بظلمِ واستبدادِ الرجل الشرير ، باسم المحبة والخير والإرادة الحسنة .. سأرعى الضعيف في وادي الظلمات"


1


تبعاً لنظرية يبدو أن رامز الشرقاوي مقتنعاً بها فإن مأساة البشر الحقيقية تنبع من كونهم "أولاد كلب" ، وإذا هوهوت الكلاب .. فعلينا الابتعاد دون تناطح ..

- حاسب حاسب هتكسره هتكسره
- ما هو ...
- طب عدَّي بقى .. عدَّي

لأكن أنا الرجل الطيب .. وهي الرجل الشرير .. وهدوءي وتصرفي بحنكة هو الراعي الذي يحميني في الوادي ..

أمر في تلك الحالة بهدوء وسلام نفسي مقتنعاً تماماً بأن هذا هو الصواب وأن حقي لابد أن يعود عن طريق رجل أشر سيقابلها في الوادي .. مبتسماً لأنني قد مررت بسلام وأن الراعي لم يخذلني

2

تبعاً لنظرية يبدو أن رامز الشرقاوي مقتنعاً بها فإن مأساة البشر الحقيقية تنبع من كونهم "أولاد كلب" ، وإذا هوهوت الكلاب .. فليسَ على الذئابِ حرج

- حاسب حاسب هتكسره هتكسره
- ما هو ...
- طب عدَّي بقى .. عدَّي

لتكن هي الرجل الطيب .. وأنا الرجل الشرير ..

- جرى إيه يا ست انتِ ما تحترمي نفسك وتتكلمي عدل ، انتِ حد دسلك على طرف
- كنت هتكسر الرقاق يا ***
- تصدقي إنك **** ، رقاق إيه وزفت إيه ، آدي الرقاق اللي خايفة عليه يمكن تتربي

وأهشم بساعدي كيس الرقاق كما يليقُ تماماً برجل شرير ..

وليكن الناس في تلك الحالة هم الراعي لها في الوادي من الأشرار مثلي

يتدخل ركاب العربة الذين لم يرضهم أن أقوم بسب عجوز في سنَّ جدتي وأكسر رقاقها .. ولكن نظراً لعلامات الشر والصياعة التي بدت على وجهي لم يجرؤ أيًّ منهم على الاحتكاك بي ، فقط قاموا بمواساة المرأة ومسح دموعها .. وأمام قسمي الواضح بعدم دفع أي مال لها كتعويض لما تعرضت له من أذية .. وأمام تقطع جملها اللاهثة " لازم ابن الكلب ده يديني فلوس الزفت اللي كسره ، دي مش عشاني يا ناس دي عشان العيال اللي مستنيين في البيت لقمة يتسمموها ، إن شالله يا رب تخدني وتريحني من العيشة الزفت والقرف اللي إحنا فيه ده" ، لم يجدوا بديلاً عن التجميع من بعضهم البعض لإعطائها أي شيء وجعلها تترك العربة حتى لا تستمر المشادة .. وهو ما حدث بالفعل ..

تركت العجوز العربة تسبقها دموعها وقولها المسموع "حسبي الله ونعم الوكيل" ، وجلستُ أنا بجانب الحسناء وعلى ملامحي نشوة الانتصار .. نظرتُ لها بطرف عيني مطلقاً بصوت واضح "عالم ولاد كلب لازم ياخدوا بالجزمة" .. وهو ما أكدته بهز رأسها لأسفل ولأعلى ، مما جعل الأمر برمته مقدمة لبدءِ حديث لم يسعفني خيالي في التفكير إلى أين سينتهي ؟! .. فكر أنتَ !

تصرفت السيدة بما يليق ( برجلٍ طيب ) .. وتصرفتُ أنا كما يليق – تماماً – بالرجل الشرير .. وكانت الانفعالات المحيطة جميعها هي الراعي كما يجب أن يكون ..

****

إلاَّ أنني لم أرضَ أبداً عن كلا الرؤيتين !

****

3

تبعاً لنظرية يبدو أن رامز الشرقاوي مقتنعاً بها فإن مأساة البشر الحقيقة تنبع من كونهم "أولاد كلب" ، وهذا هراء لا أقتنع به على الإطلاق – كما يليق بشخص عرف بؤساء فيكتور هوجو وأحدبه في الثالثة عشر من عمره ! -

- حاسب حاسب هتكسره هتكسره
- ما هو ...
- طب عدَّي بقى .. عدَّي

لأكن أنا وهي .. هؤلاء الجالسين في العربة والسائرين خارجها .. أنا وأنتم .. كل من يمكن له أن ينضم تحت كلمة ( نحن ) .. نحنُ الرجل الطيب .. والدنيا هي هذا الوادي .. والأقدار التي تخلق بيننا أحياناً صدف غير منطقية أو تشكل بداخلنا إثم نريد تحقيقه .. هي الرجل الشرير .. ولتكن المحبة هي الراعي لنا


- أنا آسف يا ستي مكنش قصدي
- ولا يهمك يا ابني

أبتسم .. تبتسم .. وتبدو الابتسامتين من أجمل وأصدق ما صادفتُ في يومي
لا تصبح لي في تلك الحالة جزء من ملامح مزعجة ومتشابهة .. بل كياناً إنسانياً شَكَّلتُ في لحظة خطراً على قوته فتعامل بعنف .. وفي اللحظة التي تليها أشعرته بإنسانيته – وربما إنسانيتي – فتعامل بلين !

بدا الأمر رائعاً حقاً
به بعض السذاجة .. ولكن من قال أننا لسنا بحاجة ملحة لأن نتصالح مع كل سذاجاتنا التي تجعلنا أكثر إنسانية ؟؟

****

خرجتُ من كل تلك الأفكار على صوت السيدة العجوز تشتم السائق ويردُّ عليها بالمثل لأنها طلبت منه أن يهدء سرعة العربة كي تنزل بحمولتها ولكنه تعجل فكادت تسقط ويتهشم قوتها ..

بدا ليَ الأمر في تلك اللحظة مثيراً للشفقة .. لها وله ، ماذا لو ابتسم أحدهما لثانية واعتذر ببساطة ؟ ماذا لو ساعدها أحد الركاب في إنزال كيس الرقاق للأسفل ؟ ماذا لو تمهل السائق نفسه لثواني تتيح لها النزول بأريحية ؟ وماذا لو لم ترفع صوتها عليها وتشتمه ؟؟

بدا ليَ كذلك أن أدعي وقتها ادعاءً – ربما غير سليم – وهو أن كل ما نقرأه من كتب .. نشاهده من أفلام .. نسمعه من موسيقى ، أن كل تفاعلتنا مع العالم الخارجي مع اتساعها تصب جميعها في مصبٍ واحد : أن تجعلنا أكثر بشرية !

تابعتُ السيدة بنظري .. بدت ملامحها ساخطة ولاعنة للكثير من الأشياء التي صادفتها في رحلتها اليومية ، في الأغلب كنتُ من ضمن تلك الأشياء ، ومع ذلك ودتُّ لو استطعت الاعتذار إليها والتأكيد على أن المسافة كانت كافية للمرور دون أي خطر على الرقاق !

إلا أنها غابت عن نظري بعد تحرك العربة سريعاً مع صراخ التابع "جيزة جيزة جيزة"

17 نوفمبر 2007

Martin Scorsese's The Big Shave - 1967





عام 1967 قدم المخرج الناشيء مارتن سكورسيزي عملاً قصيراً في خمس دقائق ونصف يسمى ذا بيج شاف لم ينتشر على مستوى واسع وقتها .. وحتى أمس فقط لم أكن قد شاهدته أو سمعت عنه .. لولا صديق عزيز أشار عليَّ به أثناء حديث متسع عن سينما مارتن سكورسيزي ومشروعه عن أمريكا ..

إعجابي بهذا العمل - انبهاري بمعنى أصح - تجاوز بالفعل الجانب الفني والتقني به والذي رأيت به الشرارة الأولى لبعض من الأساليب التي رسخها سكورسيزي في سينماه بعد ذلك - شاهد هذا الولاء الجم للتفاصيل البسيطة الموجودة في مشهد وديكور واحد لا يوجد به شيء يثير العين تقريباً إلا أن سكورسيزي يعطيه منحنى مختلف تماماً .. شاهد زاوية التصوير التي قدم بها أول لقطات العمل وتذكر كم مرة شاهدتها في شوارع وضيعة أو تاكسي درايفر أو الثور الهائج أو الطيار .. شاهد أسلوب القطع على متناثرات الحمام في بداية هذا العمل ومثيله تماماً في المشهد الأخير من الثور الهائج لكن على غرفة لاموتا هذه المرة .. شاهد طريقة التقاط الكاميرا للرجل بأكثر من موضوع ومثيلها في الطيار بمشاهد الحمام تحديداً .. شاهد حتى اضطراب المشهد ككل اللي بيفكرنا تلقائياً بمشهد "أتتحدث إلي" في تاكسي درايفر " - وبالرغم من عظيمة كل هذا إلا أن ما بهرني أبعد من ذلك ..

العمل بسيط للغاية .. ولكنه يقدم رؤية مبدئية ومبسطة لأمريكا من وجهه نظر سكورسيزي .. نفس تلك الرؤية التي رسخها بعد ذلك على مدار أربع عقود بعدة أفلام تستحق بلا أي مبالغة كلمة ( تحف ) ..
صدور الفيلم بعد الحرب الأمريكية على فيتنام لا يجعله فقط منوطاً بذلك ، هو مرتبط بأمريكا كل وقت وعقد .. هل هناك فرق لو قدم هذا العمل نفسه بعد حرب الخليخ أو حرب العراق أو أفغانستان ؟؟ ، الأمر واحد : في ذروة هذا التجمل الذي تتجمله أمريكا أمام العالم .. أو في ذروة رغبتها في أن تجعل كل شيء متكاملاً كما تبغاه تقوم ( بتجريح ) نفسها وتجريع العالم كذلك بالكثير والكثير من الدماء والعنف والحروب والدمار .. مع وجود آلية إعلامية - مياة الحوض - تقوم بتغطية تلك الدماء ولكن الأمر يزداد عن الحد ويتطور مع الوقت حتى تعجز الأدوات الإعلامية تلك/مياة الحوض في السيطرة على الوضع ، تغرق الدماء الأرضية وبقية الحوض .. وجه الرجل/أمريكا .. وكامل جسده ، وهو في كل ذلك لا يشعر أبداً بشيء خارق قد اقترفه في حق نفسه أو في حق الإنسانية بشكل عام .. فالأمر مجرد حلاقة ذقن تجميلية ولكنها مبالغة بعض الشيء !!

تلك الرؤية - العبقرية في نظري - التي قدمها الشاب ذو الخامسة والعشرون عاماً في ذلك الوقت مارتن سكورسيزي ، هي نفسها التي طبعت كافة أفلام المسيرة .. وكونت بدورها رؤية متسعة لما يوضع تحت عنوان عريض :


America Was Born In The Streets*



باختصار شديد :

لقد بدأ المشروع


أبكر كثيراً مما توقعت !!

---

ملحوظة 1 : حينما شاهدت هذا العمل بالأمس وانتويت طرحه بالمدونة لم ألحظ أن اليوم - 17 نوفمبر - وهو عيد الميلاد الخامس والستين لمارتن سكورسيزي .. كل سنة وانتَ طيب يا مارتي :)

ملحوظة 2 : الفيلم قد يكون عنيف بالنسبة للبعض لاحتواءه على الكثير من مشاهد الدماء .. بس بلاش دلع والنبي عشان الفيلم جميل :)

ملحوظة 3 : شكر واسع بطول الطريق الواصل بين مصر وإسكندرية للأخوين جودة - أحمد ومحمود - فلولاهما لم أكن قد شاهدت العمل بعد .. بل أن جزء من تحليلي الشخصي للعمل نتج عن نقاش معهم عنه .. شكراً يا رجالة :)

---

* The Gangs of New York Tagline

12 نوفمبر 2007

We'll always have this moment

Sometimes there's so much beauty in the world
I feel like I can't take it
like my heart's going to cave in


.
.
.

يا راميني بسحر عنيك الاتنين ما تقولي واخدني ورايح فين
؟!

10 نوفمبر 2007

اسماعيلاوي ارتدى زي النادي الأهلي

على عكس كتير من أبناء جيلي - والأجيال السابقة ! - أعتقد إن انتماءي الكروي جه متأخر شوية

في مرحلة مبدئية من حياتك قد تتواءم مع بداية نطقك للكلام بيكون عليك الاختيار بين إنك تكون أهلاوي أو زملكاوي .. ولإني أزعم محاولتي دائماً الانتماء للفطرة الخيرة - البعد عن الفطرة الشريرة كمعنى أدق - قررت ببديهية الخيرين إني مش هشجع الأهلي ، وكاستدلال منطقي - وإن كان غير محدد من ناحيتي - لقيت نفسي بشجع الزمالك على طريقة "الزمالك كسب .. طب فل ، الزمالك خسر .. طيَّب !" - والأخيرة هي المستخدمة غالباً - بشكل عام الزمالك مكنش بيفرق معايا بأي شكل لكن كان دايماً في دافع خفي بيفرحني لما الأهلي يخسر في الدوري المحلَّي تحديداً .. ربما لأن ذلك وسيلة لأن تشمت في أغلب أصدقائك اللي مطعين عين أهلك على طريقة "خدتوا ستة رايح .. خدتوا أربعة جاي" .. ومع ذلك لا أخفي اعجابي بالكرة اللي كان بيقدمها الأهلي في بعض الأوقات - 2005 تحديداً - عن طريق أبو تريكة وبركات ومتعب بشكل متفاهم جداً بيظهر جماليات الكرة بشكل كبير وهو أكتر شيء بحبه في اللعبة حتى لو عن طريق فريق مش بحبه .. ولا أخفي أيضاً حبي الغريب لمحمد أبو تريكة وابتسامته ! وأعتقد - بصرف النظر عن خطيئة انتماءه للأحمر - هو أكتر لاعب كرة حبيته في حياتي .. بدءً من قيادته لفريقه .. ووصولاً لابتسامته الساحرة .. مروراً بهدوءه وأخلاقياته وتديُّنه .. مهاراته الكروية المميزة .. وروحه الرهيبة في الملعب أيًّ كان الفريق اللي بيلعب له سواء الترسانة أو الأهلي أو المنتخب ..

المهم عن طريق حكاية مملة هبقى أحكيها بعدين وصلت لإن الإسماعيلي بيلعب أحسن كرة في مصر .. كرة مهارية وسريعة بتشكل بالنسبة لي النموذج المصري الأقرب لمعنى كرة القدم القايمة على إنك ( تلعب ) مش بس إنك ( تكسب ) ، ومع المتابعة المستمرة من يناير 2006 حتى سبتمبر من نفس السنة .. فهمت يعني إيه تنتمي لفريق، اللي هو تفرح بجد لما يكسب .. تزعل لما يخسر أو يتعادل .. تطنطط لما يجيب جون .. وتفضل على أعصابك وانتَ بتتفرج على ماتشه ..

كل اللي فات يبدو مقدمة جيدة عشان أتكلم عن ماتش الأهلي والنجم الساحلي اللي اتلعب إمبارح على استاد القاهرة وخسره الأهلي 3-1 وخسر معاه الاحتفاظ باللقب الأفريقي

الكُرْة غير المحدود اللي بتكنه محافظات القناة للأهلي واللي ظهر ليَّ عن طريق رابطة مشجعي النادي الإسماعيلي اللي أنا منتمي ليهم على النت - حتى أننا لا نتحدث عنهم سوى بالحُمر ولا أعرف لماذا ! - مكنش مبرر بالنسبة لي عشان أكون ضد الأهلي إمبارح أو حتى قبل كده في أيًّ من مباريات البطولة

أزعم بالفعل إني إسماعيلاوي مُتعصب - رغم عدم انتماءي لمحافظة الإسماعيلية - ومع ذلك أعتقد إني كنت حزين لخسارة الأهلي أكتر من حزني لخسارة أي بطولة تانية أفتكرها على المدى القريب !

كنت قبل الماتش ده وفي ماتش سوسة في الذهاب وفي كل ماتشات البطولة بشجَّع الأهلي .. بس كنت معتقد إني هشارك في الفرح بس ولو لا قدر الله حصل حاجة والأهلي خسر مش هزعل - زي ما حصل في ماتش الهلال مثلاً - و هواسي أصحابي بكلمتين وخلاص ، بس اللي حصل إني مضايق بجد ولحد دلوقتي .. مش فاهم ليه !
بس حاسس فعلاً إني خسرت حاجة قيَّمَة بعد ما بقت تقريباً في إيدي
حاسس إني زعلان على الناس وعلى اللعيبة بجد

مش عارف الموضوع ليه علاقة بانتماء لبلد وإن الأهلي بيلعب باسم مصر ولا لأ

بس اللي أعرفه إني كنت مبسوط أوي من إحساسي على القهوة وإحنا متجمعين وبنشجع الأهلي بحماس ومع كل كرة نقوم نقف .. ومع كل غلطة تحكيمية نشتم الحكم بشتايم قبيحة .. ومع جون الأهلي حضنت واحد معرفوش ! ، كان نفسي فعلاً أفرح مع الناس دي بالكاس ونكوَّن مع بعض لحظة مش هتتنسي .. وكان نفسي الخمسين ألف اللي راحوا الاستاد ودفعوا من جيوبهم مبالغ تذاكر مستفزة واستحملوا الشمس والضرب والبهدلة والعطلة في الاستاد أكتر من ساعتين بعد الماتش لحد ما الزعيم يروَّح بيته وياكل رز مع الملايكة .. يفرحوا هما كمان بحاجة من الحاجات القليلة اللي بترسم بسمة على شفايفهم !

استفزيت أوي من فرحة الزملكاوية بفوز النجم !
ومش موافق على فرحة بورسعيد والإسماعيلية وإن كنت متفهم تماماً أسبابها ودوافعها - التفهم لا يعني الموافقة بالتأكيد -

عموماً
الأهلي لعب ماتش كبير .. كل اللاعيبة تقريباً أدت المطلوب منها .. ولحد طرد النحاس كان المباراة في إيدنا .. وحتى بعدها كان ممكن ده يحصل ، بس هي دي الكورة ! ..

أنا مش جيَّد أوي في المواقف الوطنية اللي بتأثر الألباب !
بس باعتباري مضايق زيكم بالظبط .. ويمكن - بقول يمكن - أكتر
عايز أقول هارد لك ( لينا ) فعلاً .. معلش لعلاء وعبد الرحمن وحسين ويوسف وأيمن وياسر اللي شافوا الماتش معايا النهاردة واتنكدنا سوا .. معلش لياسمين وياسمين ومصطفى ورامز وشيرين وسلمى وبسمة وفؤاد وشريف ورامي اللي رغم انتماءهم للزمالك بس أكيد برضه كانوا زعلانين - محدش يكسفني يا عيال ويقول لأ ! - .. معلش لخمسين ألف متفرج كانوا في الملعب ودفع كل واحد منهم ميتين جنية عشان نفسه يفرح .. ومعلش لأكتر من تلاتين أو أربعين مليون اتجمعوا إمبارح على تشجيع الأهلي بجد .. معلش لتصرفات ملهاش لازمة صدرت من جماهير مُتَعصَبة - منهم جماهير الإسماعيلي - بتحب فرقها غلط .. معلش لأربعتاشر لاعب لعبوا النهاردة محدش فيهم قصر في حق الناس ..

هارد لك ( لينا ) فعلاً !