06 مايو 2008

أُضْرِب عن هذا

السبب الرئيسي في نظري اللي أدى لنجاح إضراب 6 أبريل هو كون الدعوة خرجت من وسط الناس ، من عمال غزل المحلة ويتضامن بعدها موظفي الضرائب العقارية وفئات شعبية تانية ، بشكل موازي مع نشر الدعوة بشكل إعلامي جيد لعب فيه الفيس بووك دور البطولة في توصيل فكرة الإضراب لشريحة كبيرة من الناس ، دور القوى السياسية في مصر كان موجود بالفعل ولكنه ضئيل جداً بالنسبة للمصداقية اللي حققتها الدعوة بعد خروجها من العمال .. اللي هما أصحاب الإستفادة الأكبر والأهم لأي تغيير حقيقي في مصر – أو في أي دولة بشكل عام - ، وبالرغم من تعدد أسباب الإضراب – لدرجة غدم تحديدها أصلاً – إلا إن الغلاء اللي كان ولازال بيمس الناس بشكل واضح وفعلي طُرح – ببين الناس – كسبب أول وأهم للإضراب ، عشان كده مشاركة الإخوان أو عدم مشاركتهم .. الكلام التنظيري اللي صدر عن حزب التجمع .. حتى التهديدات الحكومية اللي صدرت للموظفين ، كل ده مقللش من النجاح اللي حققه الإضراب – بصرف النظر عن اختلافنا في تحديد نسبته .. بس فيه نجاح فعلاً - ..

النجاح الأهم اللي حصل خلال اليوم زي ما أنا شايفه هو إن مصر بقت لأول حاجة تخص شعبها ، مش لعبة ما بين الحكومة والمعارضة ، تقريباً أول تحرك شعبي حقيقي وعلى مستوى واسع مش نخبوي يشوفه جيلي ، الناس كانت مشتركة فعلاً حتى ولو بالرفض ، صحيح إن فيه ناس مكنتش فاهمة .. وصحيح إن فيه ناس أضربت بدافع الخوف .. وصحيح إن فيه ناس رفضت الإضراب واستمرت في أعمالها رغم السوء الشديد في أحوالها ، بس كل ده ارتبط ( بفعل ) .. بإيجابية .. مش صمت وتجاهل لأي تحرك سياسي زي ما كان بيحصل خلال الأربع سنين اللي فاتت ..

الاستفادة من النجاح اللي حققه إضراب 6 أبريل كان لازمله شوية هدوء ، شوية تفكير في الخطوة الجاية بعيداً عن حماس جميل ومفيد بكل تأكيد بس لما يتوجه بشكل سليم ، محاولة فهم الناس واستغلال مشاركتها المرة دي وتقوية فكرتها – عن طريق طرق أنا شخصياً معرفهاش – عن الاحتجاج السلمي ومحاولة الوصول لحقوقنا من خلاله ، بدل ده صدر دعوة لإضراب جديد قبل ما أي حاجة تحصل كنتيجة لنجاح إضراب 6 أبريل وبعد 48 ساعة بس ابتدت تصدر بانرات وصور لـ 4 مايو ، الأمر اللي قوبل بتجاهل من الناس .. وبحماس أقل من ناس كتير كانت متحمسة جداً للإضراب الأول ..

مش شايف أبداً إن فشل الإضراب الأخير سببه علاوة ال30% اللي قررت – وكانت نقطة مهمة من نجاحات 6 أبريل – لإن الناس لو حست إن الحراك بيجيب نتيجة أكيد هتتحرك أكتر ناحية حقوقها ! ، الأسباب – زي ما أنا شايفها – كانت :

1- شعور بعدم مصداقية التحرك المرة دي وتحوله مرة تانية لتحرك نخبوي – رغم إن الدعوة لحد دلوقتي مش محدد مصدرها وإن كانت بدأت من شباب الفيس بووك مش من النخبة – ولعبة على بلد ما بين الحكومة والمعارضة
2- كاريكاتيرية التاريخ المحدد
3- القرب الشديد في الميعاد لأقل من شهر
4- عشوائية التحرك الإعلامي على عكس الإضراب اللي فات
5- المرة دي ثُقل وجود الدعوة العمال – الجدعان اللي خدوا حقوقهم من حنك الحكومة على حد تعليق شخص كان قاعد جنبي من فترة في الميكروباص – مكنش موجود حتى مع مشاركته
6- بالتأكيد الضحايا اللي كانوا نتاج يوم 6 أبريل وكذلك المعتقلين أثروا سلباً

ونتيجة لده كل حاجة في القاهرة أول إمبارح كانت زي ما هي ، الشوارع .. الزحمة .. الجامعات اللي خلت من المظاهرات واستمرت الدراسة فيها بشكل عادي ، كنت نازل وسط البلد والمشوار اللي باخده في نص ساعة خدته في ساعة إلا ربع ، كل شيء كان في وضعه العادي جداً ! ، وكذلك في كل محافظات مصر باستثناء المحلة اللي يقال إنها تحولت لثكنة عسكرية ومنعت الحركة فيها بشكل تان ..

يمكن الحاجة اللي ممكن نستفيدها من الإضراب ده هو تأكيد مستمر على ضعف نظام بيرتعش من دعوة إضراب أطلقها مجموعة من الشباب على موقع إلكتروني ، تأكيد مستمر على إن أي تحرك أيًّ كان عشان يحقق نجاح لازم يكون ملامس لحساسية الناس للتحرك السياسي عشان تحقيق مطالب واضحة وليها صورة محددة في أذهانهم كغلاء الأسعار – مش معنى هلامي لا يخصهم كقانون الإرهاب أو معركة الديمقراطية - ، تأكيد مستمر على استحالة الاعتماد على الإخوان واستحالة وقوفهم ورا أي تحرك ليه مطالب تخص الشعب مش الأجندة الخاصة – الكلمة دي متكررة وساذجة شوية بس هي وصف لواقع أكثر سذاجة وتكرار - ..

ورغم أي حاجة أفتكر إن النتايج الحيدة اللي حققها يوم 6 أبريل لسه موجودة بشرط الاستفادة منها كتدعيم لفكرة الاحتجاج السلمي المستمر مش سلبية مستترة بتختصر الإضراب ورا كلمة خليك في البيت .. وللآسف كلامي ده على قد ما بتمناه على قد ما بتوقع إن مفيش حاجة منه هتحصل !

بس رغم كل شيء لسه الأمل في الناس لإن مفيش أي تغيير حقيقي هيحصل في مصر من غيرهم ..

هناك تعليقان (2):