6 يونيو 2008 :
- رحت فين ؟
- موجود ، مرحتش
- من ساعة ما جيت وانتَ شكلك مش مظبوط وكنت بقول أسيبك لحد ما تتكلم لوحدك بس واضح يعني إنك مش هتتكلم في سنتك ، فيه إيه ؟
- مفيش يا بنتي ما أنا زي الفل آهه
- يا سلام ، عليَّ أنا ؟!
- .....
- مالك ؟
- أنا خايف !
- آي ، دي أول مرة أسمعك تقولها
- يمكن
- خايف من إيه ؟ وليه ؟!
- مش عارف ، حاسس إني بتسرسب منّي ، حاسس إن حاجات بحبها بتسرسب .. فيا وحواليا
- مش فاهمة ، انتَ زي ما انتَ ، محستش إن فيه حاجة فيك اتغيرت أو إنك بتتسرق و بتتسرسب
- يمكن من بره
- ومن جوا ؟؟
- .........
- ....؟....
- خايف أكره ، خايف أتعكّر واتوسخ ، خايف آجي في وقت يبقى نفسي أبعد واهج ، أو في وقت تاني ألعن أبو الدنيا على أبو الناس ، فاكرة في الاختيار لما كان محمود بيقول "وفي آخر الطريق هتقابل اللي ألعن م الشيطان ، هتقابل نفسك" ؟ .. خايف كمان شوية ، مش في آخر الطريق حتى ، لما أبص في المراية ألاقي حد تاني معرفوش ، حد غير اللي كنت متخيلة
- ليه كل ده يا ابني ، فيه إيه ؟؟
- مفيش أسباب كبيرة ، متقلقيش
- لا والله ، تصدق شكلك فعلاً يخليني مقلقش
- :)
- اتكلم بقى
- بجد مفيش أسباب كبيرة لكل اللي أنا حاسس بيه دلوقتي ، أنا بس بقالي أكتر من أسبوع قافل الموبايل وبحاول محتكش بحد على قد ما أقدر ، دي أول مرة أعملها تقريباً بس حاسس إن عندي استعداد أشوف أوحش حاجة في كل الناس اللي حواليا .. عندي استعداد حتى أشوف أوحش حاجة في نفسي ، من يومين مثلاً زعّلت أهلي في موقف عبيط أوي ، كنت راجع من برة متأخر وموبايلي كان مقفول وهما كانوا قلقانين .. رديت بغلاسة مع إن المفروض أحترم قلقهم ده على الأقل بس كنت مضايق وغضبان وبعدها كنت حاسس إني عايز أعتذرلهم بس لحد دلوقتي معملتش ده ، حاسس إني محتاج أكتر إن الدنيا تصالحني على كل حاجة عشان بعدها أصالح أي حد
- محمد كل دي نتايج ، أنا عايزاك تتكلم عن الأسباب ، ليه ؟
- ما الدنيا إلا شوية حاجات بسيطة فوق بعض
- ما الوجع إلا شوية حاجات صغيرة بتتحس
- بت انتِ أنا مش عايز لماضة وتحقيقات ، أنا مش ناقصك :)
- وأنا قلتلك اعترف وحركات ، أنا بس عايز أسمَعَك
- صدقيني بجد مش عارف ، ممكن أحاول أفكر معاكِ بصوت عالي بس فعلاً معنديش أي مبرر منطقي للحالة دي ، يمكن الحر .. في علم النفس المفروض إن تغير الفصول بيصيب فترة بالاكتئاب ، والحر تحديداً عندي معاه مشاكل عويصة ، بحس إن الناس في الشوارع مكبوتة ومخنوقة ومش طايقة نفسها عشان كده مش طايقة بعض ومن أقل موقف ممكن تحصل خناقة وده بيإذيني وبيضايقني ، مبسوط وأنا شايفهم "فتافيت الماس" ومش عايز بعد شوية أبدأ أردد الكلام بتاع إنهم ولاد كلب والوساخة بقى ليها فروع جوا قلوبهم
هحكيلك موقف جميل ، من فترة قريبة ، يوم عرض باب الشمس في وسط البلد ، كنت نازل من الأتوبيس عند الإسعاف وفيه ست طالعة فبتسلم على راجل معاها جايز أخوها وجايز جوزها مش عارف وبتقوله بسرعة سلام يا حسن الأتوبيس جه ، فالراجل قالها بحنية مش هعرف أوصفها اركبي بقى اركبي ، مع إن بديهي جداً إنها هتركب بس هو ميقصدش اركبي ، هو كان عايز يقولها خدي بالك من نفسك أو طمنيني عليكي لما توصلي أو ابقي كلميني بس عشان كل حاجة بتحصل بسرعة والأتوبيس هيتحرك طلعت منه اركبي بقى اركبي ، فضلت باصص للراجل شوية وابتسمت ابتسامة فضلت معايا لفترة ، هما دول الناس اللي بحب أشوفهم مع إنهم مش دايماً بيبقوا كده ، ساعات بيخانقوا على حاجات هايفة .. ربع جنية وخمسين قرش ومكان فاضي في الأتوبيس ومش عارف إيه ، ومببقاش عايز بس غصب عني بشوف أسوأ ما فيهم
- فاهماك ، بس لما بيحصلي كده بقول إن الناس هما الناس ، جواهم كويس بس عليهم شوية عفرة ومحتاجين بس هفّة تزيح التراب وهما يبقوا زي عم حسن بتاع اركبي بقى اركبي
- تفتكري ؟؟
- انتَ اللي بتسأل ؟ ، آه أفتكر ، دور ع الناس في قلوب الناس هتلاقي الناس الناس فتافيت الماس ، فاكر الجملة العظيمة دي مين اللي قالها ؟
- معلش يمكن عندي زعزعة عقائدية في شوية الخزعبلات اللي أنا مصدقها ، ويمكن برضه ده السبب الأهم في الحالة اللي أنا فيها ، جايز عشان اتْخَبّطت كتير في الفترة الأخيرة ، من حوالي أسبوع كده فتحت أجندة بكتب فيها من فترة للتانية كلام شبة المذكرات ، هو مش مذكرات بالظبط عشان حتى مش بكتبله تاريخ .. هو كلام أشبه بهوامش عن الدنيا بكتبها لما بكون محتاج أتكلم معايا ، فتحت صفحات قديمة أوي من فترة طويلة وقعدت أقرا ، أنا كنت شايف الدنيا أبسط وأجمل مما أنا شايفها دلوقتي ، كان فيه حاجات وناس كنت وقتها شايفهم أجمل بكتير ، كنت كاتب كلام كتير عن ( ... ) وقد إيه أنا شايفها جميلة وملائكية تماماً وإني نفسي أعرفها بجد قد إيه روحها منوّرة وإنها في عينيا أجمل بنت في الدنيا ، وعن ( ... ) وإني عايز أقوله يقلع النضارة السودة ويشوف الدنيا أجمل شوية عشان تبتسمله وعشان هو يستحق بسمتها ، وعن ناس كتير غيرهم .. تقريباً كنت شايف كل اللي حواليا مِخْضِر ، حتى الحاجات اللي كانت بتوجعني فيها براءة تخليها تمس الخَضَار ده
- ما إحنا اتكلمنا كتير عن ده قبل كده ووصلنا إن مينفعش تعمل للناس اللي بتحبهم نسخ معدلة في خيالك وبعدين تحاسبهم على أساسها على الأرض
- تؤ مش ده اللي ضايقني لما قريت الكلام اللي في الأجندة ولا اللي ضايقني إن الحياة بعدتني عن الناس دي أو حتى مبقتش شايفهم زي ما كنت شايفهم وقتها ، اللي ضايقني إني كنت شايف الدنيا أجمل ونغابيشها السودا أقل ، أنا نفسي كنت أصفى من دلوقتي .. تقدري تقولي سذاجة حاسس إني مفتقدها ، بهاء طاهر كان بيقول في رواية ليه إن العدل زي المرض بنفضل مؤمنين بيه لحد ما نشفى ونفتكر إننا عقلنا ونبتدي بعدها نشوف أعراض المرض على ناس تانيين ونضحك من سذاجتهم ومن إيمانهم الغريب باللي هما بيعملوه .. وقتها ابتسمت وأنا بقرا كلامه وقلت إن حب الحياة مرض وحب الناس مرض والبراءة مرض .. كلها حاجات لما مبتكونش فينا بنعتبر إن التانيين دول هما الشواذ الهُبل اللي بكرة ربنا يكرمهم ويخفوا من كل أمراضهم ويعرفوا الدنيا على حقيقتها ، عشان كده في بداية كلامنا كنت بقولك خايف من إني اتسرسب مني ، يمكن الأصح إني خايف أخف وابتدي أشوف كل الجمال اللي كنت لامسه ومقتنع بيه مجرد مرض
- فاهماك وحاساك بجد ، بس من ناحية تانية واقعية شوية ممكن تقول إن ده طبيعي ، أقصد إن نظرتنا للدنيا بتكون أعقد كل ما احتكاكنا بيها بيكون أعنف ، بس التعقيد ده مبيمنعش إن فيها جمال ، زي ما تصرفات الناس في لحظة غضب مبتمنعش إن جواهم أبيض ، وزي ما عمك فؤاد لما قال يا أخضر بقيت كل الألوان إلا الأخضر رجع بعدها وقال يا أخضر ما يسرح في الملكوت إلا الأخضر
- عندك حق ، بس مش عارف ، المرحلة اللي دمها تقيل والحر والكلام اللي قريته في الأجندة وشوية مواقف حصلت وحبة تفكير في الناس اللي وقعوا في السكة وإيه اللي فضل منهم عندي أو فضل منهم جوايا وفيا أنا وفي الحاجات اللي ضاعت واللي جايز تضيع ، كل ده يمكن يكون مبرر للموود الغريب اللي أنا فيه ، هي دي النهاية يا زرياب ؟؟
- تؤ تؤ مش هي دي النهاية يا زرياب ، النهاية أجمل من كده بكتير .. ولسه مش هتيجي دلوقتي
- نفسي في حاجة تحصل قريب تقول كده ، حاجة تقول إن معجزاتنا الصغيرة لسه موجودة والحياة خضرة وممكن فعلاً تكون زي ما كنت بقول عليها دايماً إنها عاملة زي فيلم أبيض واسود كلاسيكي عظيم كل حاجة حلوة فيه ممكن نخلقها ونلونها بإدينا
- هيحصل وبكرة هيجيب نهار
- يعني هعيش يا دكتورة ؟!
- امم ، لو استمريت على الحالة دي للأسبوع الجاي يبقى الحالة في خطر ، بس بما إنك وقعت بلسانك وأنعمت عليا بلقب دكتورة ففي شوية كلام انتَ عارفة بس مفيش مانع يعني إني أقولهولك يعني ، عادي إننا نقع شوية وعادي إن ناس يقعوا مننا بس أهم حاجة إن روحنا متتكسرش وإحنا نفسنا منتكسرش ، يعني نتوجع حبة ونتألم حبتين بس كل ده بيعلم مبيموتش .. اللي هو زي الواد الأسمراني اللون ما بيقول "ولو في يوم راح تنكسر لازم تقوم واقف كما النخل باصص للسما " ، أحلى بكرة لينا يا واد
- يا سلام على التفاءل ، إحنا اللي بنعمله في الناس هيطلع علينا ولا إيه :D
- :D
- أهو ده يا آنسة اللي اسمه علمناهم الشحاتة سبقونا ع الأبواب ، أنا كده أموت وأنا مستريح عشان سايب البشرية في أمان بين إيديكي
- أحلى بكرة لينا .. مش كده ؟
- ( أهز راسي ) ، آه .. كده :)
- ( ابتسامة منوّرة )
- تعرفي نفسي في إيه دلوقتي ؟ ، نفسي أروح إسكندرية
- والله العظيم كنت لسه هقولها
- عندي حاجات عند البحر عايز أتأكد إنها لسه موجودة ، المرة اللي قبل الأخيرة لما رحت قلتله كلام ورميت فيه جوابات وحملته رسايل لناس يقولهالهم في يوم من الأيام لما تفرق بينا الطرق ، وغسلت روحي فيه .. محتاج أروح أغسل روحي تاني
- وأنا كمان والله عندي نفس الإحساس ، على فكرة هبتدي أصدق إنك أخويا اللي تاه مننا زمان قدام باب جامع ومعرفناش نلاقيه
- وانتِ تطولي أساساً
- يعني لو شبّيت شوية هطول :)
- نفسي كمان المطرة تمطر ، نفسي أوي ، بقالها شهور معملتهاش
- آه وهتعملها بقى في شهر يونيو وفي الجو اللطيف جداً اللي إحنا فيه ده ، المطرة دلوقتي آخرها تحت الدش
- عمك كونديرا كان بيقول مفيش أجمل من حلم فيه احتمالية إنه يتحقق
- صح
- بس بجد نفسي المطرة تمطر وتغسل كل حاجة ، الشوارع والبيوت والعفرة والعرق ، تغسلني أنا قبل كل حاجة ، زي ما ترافيس بيكال كان بيقول .. يوماً ما سيهطل المطر يخليها تروق وتحلى وتملا كل شوارع القاهرة زحاليق
- :D ، ترافيس بيكال قال تروق وتحلى
- تؤ قال تملا شوارع القاهرة زحاليق :D
- فاكرة وأنا صغيرة لما كانت المطرة تمطر كنا نخرج إيدنا من البلكونات وأمي تقولي يا بنتي خشي جوا عشان متخديش برد وأنا أفضل واقفة ويا سلام بقى لو كنا في الشارع ، كنا بنغني كده أغنية بتقول يا مطرة مطري ومش عارفة إيه عيش طري ، ويا مطرة رخي رخي ، وحشتني الأيام دي ووحشتني المطرة ، تصدق لسه واخدة بالي دلوقتي إنها ممطرتش من شهور
- فكرتيني بوانا صغير مرة كانت المطرة بتمطر جامد وأنا كنت وقتها في الشارع بجيب حاجة لأهلي ، كنت طفل أوي والمشوار مكنش ياخد خمس دقايق ، فضلت واقف ربع ساعة أو أكتر مش بعمل حاجة غير إني واقف تحت المطرة لحد ما بقيت كلي بَشُرّ مية ، وبعدين بقى وأنا مروح اتزحلقت واللبن اللي كنت جايبه الكيس بتاعه اتفتح مع الوقعة واتدلق والفينو اتبل وأنا هدومي كلها اتوسخت ورجعت لأهلي معيط وحالتي بالبلا وهما كمان كتر خيرهم عملوا الواجب وزعقولي عشان فضلت كل ده متأخر ومجتش على طول ، ومش كفاية كل ده لأ وكمان خدت برد جامد قعدني يومين في السرير ، بس حتى مع كل ده عمري بعدها ما المطرة مطرت إلا ووقفت تحتها
"ثم قالت لي سيشق الرعد بطن السما لكي يهطل المطر وستتفتت البذرة لكي تنبت الزهرة" *
8 يونيو 2008 :
معلومة تاريخية : وردَ فيما ورد من سير الأسبقين أنه في يوم الثامن من يونيو عام ألفين وثمانية وحيث تخطت درجة حرارة الجو الخامسة والثلاثين درجة مئوية بنسبة رطوبة خانقة لا يستهان بها .. رخرخت المطرة من السما وخلت كل شوارع القاهرة زحاليق
MSG - Inbox
الساعة 9:26 مساءً :
"محمد المطرة بتمطر"
"محمد المطرة بتمطر"
"محمد المطرة بتمطر"
مسمعتش يا غايب حدوتة حتتنا
"محمد المطرة بتمطر"
هاركب حصان ، واكون طرزان ، والف بيه ، فوق الحيطان
"محمد المطرة بتمطر"
واركب سفينة ، من مينا لمينا ، ونعوم ونأدف ، إحنا لوحدينا
"محمد المطرة بتمطر"
تحت النطرة حركة خطرة
"محمد المطرة بتمطر"
تحت النطرة حركة خطرة ونروح بعيد في ألذ مكان
"محمد المطرة بتمطر .. هيييييييييييييييييه"
MSG – Sent
الساعة 10:07 :
"لسه فيه أمل إن الدنيا متكونش حاجة غير فيلم أبيض وأسود عظيم بيمشي على كيفنا ويحقق كل معجزاتنا الصغيرة قبل الكبيرة"
====
* الجملة من رواية بهاء طاهر "قالت ضحى"
** البوست كان المفروض ينزل يوم 9 يونيو بس اتأخر نشره للنهاردة بسبب إن النت عندي كان فاصل