Le Caire , Je t'aime
مِتْرُو
مشهد 1
داخلي
محطة المترو
بنت ، في حدود العشرين من عُمرِها ، ترتدي ملابس وحِجَاب أزرق في أبيض ، تقف على حدود رصيف المحطة لدرجة أن طرف حذائها يمتد لمرور المترو ، تنظر في القضبان بسرحانٍ وحُزن
على بُعد خطواتٍ منها يقف شاب ، في سِنًّ مُقارِب ، يرتدي بنطلون جينز أزرق وقميص ، ينظر إليها لثواني بتركيز ثم ينظر في ناحيةٍ أُخرى
نستمع لصوتِ المترو وهو قادِم ، الناس في المحطة المزدحمة تبدأ في الاستعداد للركوب ، الفتاة تبدو على نفس الحالة التي هي عليها ، ينظر إليها الشاب من جديد وفي الخلفية تبدو أنوار المترو واضحة حيثُ يقترب بشدة ، ينادي عليها الشاب الذي مازال على بعد خطواتٍ قليلة منها
الشاب : ارجعي شوية لورا يا آنسة
يقترب المترو ويزداد صوته علوَّاً
الشاب – بصوتٍ أعلى يتداخل مع صوت المترو المُقترب - : يا آنسة
يقترب المترو بشدة ويصبح صوته هو الوحيد على شريط الصوت
يتحرّك الشاب ويجذب الفتاة بيديه للخلف بعيداً عن حدود الرصيف ثم يحدّثها بانفعال
الشاب : ينفع كده يعني ؟
تنظر إليه الفتاة بنظرة شاحبة وعدم اكتراث ثم تقول له في برود
البنت : انتَ إزاي تمسكني كده أصلاً ؟
الشاب – مستمراً في انفعاله - : انتِ مش شايفه المترو وهو جاي ؟
البنت : وانتَ مالك ؟
الشاب : وأنا مالي إيه وبتاع إيه ، رجلك كان ممكن تتكسر وانتِ وقفة قريبة كده ، بتتأملي في جمال القضبان مثلاً
يكون الناس حولهم قد بدؤوا في الركوب ، يتركها الشاب وهو يقول جملته الأخيرة لكي يركب ، تستمر هي وراءه وتركب في نفس العربة وهي لا تزال تحدثه
البنت : على فكرة حضرتك ملكش دعوة أصلاً ، مالك انتَ رجلي تتكسر ولا متتكسرش
الشاب – محاولاً أن يسيطر على انفعاله - : حضرتك عندك حق ، أنا اللي غلطان
تغلق العربة وهم بداخلها بعد أن جعلهم الزحام يقفان بجانب بعضهم البعض
قَطْع
مشهد 2
داخلي
داخل عربة المترو
العربة مزدحمة بشدة ، الشاب والفتاة في مشهد واحد يقفان على مقربة شديدة ، يكاد لا يفصل بينهم سوى خطوة واحدة
الفتاة تبدو شاحبة ، تنظر في الفراغ ، الشاب ينظر في الجهة الأخرى منها
تحرك الفتاة يدها أمام وجهها دلالةً على قلة وجود الهواء ، ثم تضع يدها على فمها وهي في مرحلة التّقَيُّئ ، تحدث الشاب بجانبها
الفتاة : معاك مناديل ؟؟
الشاب ينظر لها في ذهول
الفتاة : مناديل ، حاسّة إني هرجّغ
تسعل الفتاة بشدة وبينما يخرج الشاب المناديل من جيب بنطاله الخلفي تكون هي قد غابت عن الوعي ، مائلةً عليه
تحدُث جلبه في العربة حيث يبدأ الجميع في التحرك والنظر نحوهما ، الشاب يشعر بالارتباك ولا يعرف ماذا يفعل تحديداً ، يظل يسندها ويضعها على الأرض ، تتحدث إليه إحدى السيدات المنقبات في العربة
السيدة المنقبة : هوّيلها يا ابني .. هوَّيلها بسرعة ، محدش معاه جرنان يا جماعة
يعطي أحدهم جرناناً للشاب فيبدأ بشكل فطري وسريع في التهوية على وجهها ويخرج المناديل من جيبة ويمسح العرق على جبهتها وخدّها ، ويتحدث لمن حواله
الشاب : وسعوا شوية يا جماعة عشان الهوا
تقول له نفس السيدة المنقبة : المحطة الجاية قربت يا ابني ، خدها وانزل لحد ما تفوق عشان الهوا هنا قليل أوي والدنيا خنقة
يشعرُ الشاب بالورطة التي أصبح فيها ، يُجيب سريعاً
الشاب : لأ على فكرة أنا معرفهاش
يرد عليه رجل بجانبه
الرجل : إزاي يعني ؟ انتوا عمالين تتكلموا من ساعة ما دخلتوا
ينظر إليه الشاب في بلاهة ويبدأ في إدارك صعوبة الموقف وعدم قدرته على إثبات أنه فعلاً لا يعرفها ، يبدأ الناس في الطأطأة والتأفُّف ، الشاب ينظر لهم مذبهلاً ، يُدرك – تحديداً – أنه قد اتخذ دور الندل ولا خيار أصلاً سوى أن يخرج من العربة فعلاً
في تلك اللحظة يكون المترو قد وصل للمحطة ، يُفتح باب العربة ، دون كلمات يحمل الشاب الفتاة بصعوبة ثم يخرج بها خارج المترو
قَطْع
مشهد 3
داخلي
محطة المترو
الشاب يحمل الفتاة ويتحرّك بها بصعوبة في المحطة ، يُجلسها أخيرا ًعلى أحد الكراسي ويجلس بجانبها ، يستمر في التهوية إليها بالجرنان الذي أخذه من أحد ركاب المترو ، يمسح حبّات العرق على وجهها ، ينظر حوله وهو لا يعرف ما يمكن أن يفعله كي تفيق
تقترب منه سيدة مُحَجَّبَة في قرابة الأربعين
السيدة : مالها يا ابني خير ؟
الشاب : أُغم عليها زي ما حضرتك شايفه ، مش عارف أعمل إيه
السيدة – ببعض التوجُّس - : هي خطيبتك ؟؟
يصمتُ الشاب لثواني وهو ينظر في بلاهة ، يبدو وكأنه على وشك أن يقول "وانتِ مالِك" ، ولكنه يتمالك نفسه لحاجته إليها
الشاب : لأ ، أُختي
تتحرك السيدة لتجلس بجانب البنت ، تسند رأسها على صدرها ، تبدأ في ضرب وجهها ضربات قصيرة متتابعة وهي تُتَمتم ببعض الآيات القرآنية
السيدة : شُفلنا يا ابني أي ست في المحطة معاها ريحة
يتمتم الشاب : آه آه حاضِر
يتحرك في المحطة قليلاً ، يقترب من فتاتين تبدوان مُرَفّهتين
الشاب : معلش لو سمحتي ، حضرتك معاكِ برفان ؟؟
الفتاة : أفندم ؟؟
الشاب : آسف آسف ، أصل فيه بنت ... قصدي أختي ، أغم عليها وبدوّر على برفان عشان أفوّقها
الفتاة : آه ، ثم متحدثة لمن معها ، معاكِ برفان يا سماح ؟
سماح : آه معايا ، هي فين أختك ؟
يتحركا ناحية السيدة والفتاة ، تعطي لها البرفان ، فتضع منه السيدة على كف يدها وتشممه لها وهي ما تزال تضربها بخفة على خدّها وتتمتم بالآيات ، تبدأ الفتاة في الفوقان ، يتنفس الشاب بعمق
السيدة : قومي ، قومي يا حبيبتي اسم الله عليكِ ، فوقي يا ماما
نستمع لصوت المترو قادم من بعيد ، تتحدث سماح للسيدة
سماح : معلش بس ممكن حضرتك البرفان عشان هنركب ؟
السيدة : خُدي يا حبيبتي ، ألف شكر
الشاب – متحدثاً للفتاتين - : مُتشكر أوي
سماح : لأ أبداً مفيش داعي للشكر ، حمد لله على سلامتها
تبدأ الفتاتان في التحرك على حدود الرصيف بانتظار المترو ، تستمر السيدة في محاولتها لإفاقة الفتاة التي تبدو بالفعل قد استعادت وعيها قليلاً
السيدة : حمد لله بالسلامة يا بنتي
تنظر الفتاة حولها في عدم فهم
السيدة – ضاحكة - : كده برضه تقلقي أخوكِ عليكِ ويتلبخ وميعرفش يتصرّف
تنظر الفتاة للشاب بأعين مغمضة تقريباً ، يتدخل الشاب
الشاب : طيَّب قومي انتِ يا حاجة عشان تلحقي المترو ، أنا مش عارف أشكر حضرتك إزاي
السيدة : على إيه يا ابني ، أخليني معاك والله لحد ما تفوق خالص
الشاب : الله يخليكِ ، هي فاقت خلاص ، متعطليش نفسك عن كده
السيدة : طيَب يا ابني ، بس متركبهاش المترو تاني بقى عشان قلة الهوا هتخليها تتعب تاني
الشاب : طيَّب يا حاجة ، ربنا يخليكِ
السيدة : بالسلامة يا ابني
تُطَبْطِب السيدة على الفتاة وتتحرك سريعاً وتركب في عربة السيدات بالمترو
الشاب يجلس بجانب الفتاة التي استعادت وعيها ولكن تبدو في دروخة
الفتاة : هو إيه اللي حصل ؟
الشاب : واضح يعني ، أغم عليكِ في المترو والناس افتكرتنا مع بعض فاضطريت أنزل بيكِ المحطة لحد ما تفوقي
الفتاة – وهي تمسك رأسها - : افتكرونا مع بعض ليه ؟ انتَ مين أساساً ؟
الشاب – بانفعالٍ مكتوم - : أنا اللي حضرتك زعقتي فيّ وقلتي لي انتَ مالك لما المترو كان هيخبط رجلك ، مش عايزة تقولي لي انتَ مالك دلوقتي كمان ؟؟
الفتاة تسند رأسها للخلف على الكرسي : أنا عطشانة أوي
ينظر لها الشاب لثواني باستغراب لكونها – ربما – لم تقل ولو كلمة شُكر ، ثم يتمتم بصوت منخفض : الصبر من عندك يا رب ، ثُمّ متحدَّثاً إليها : أوامر حضرتك ، هروح أجيبلك ميّة
يتحرك الشاب
- لقطة واسعة للفتاة وهي تجلس وحيدة ، لا يوجد أي شخص يجلس على الكراسي حولها أو يقف في مُحيطها ، اللقطة تجلها تبدو وكأنها وحدها في محطة المترو كاملة
لقطة قريبة للفتاة ، حيثُ تمسك رأسها وتبدأ عيناها تدمُع قليلاً ، ثمّ تبدأ في البكاء بشكل واضح وبصوتٍ مُنخفض
يحضر الشاب وهي في تلك الحالة ، يبدأ في الحديث قبل أن ينتبه لكونها تبكي
الشاب : أنا جبتلك .. – ثُمّ منتبهاً وسائلاً باهتمام- .. إيه ده مالك بتعيطي ليه ؟
تمسح الفتاة دموعها بيديها وتجيبه بقوة
الفتاة : مفيش
يَنظُر إليها الشاب باهتمام واضِح دون حديث
الفتاة – بعد أن تَمَالكت نفسها - : جبت الميّة
الشاب – بضحكة مكتومة - : أنا مش عارف مين اللي فهمك من الصبح إني الخدام اللي جبهولك جدو الباشا
تضحك الفتاة ضحكة سريعة تُخالط دموعها وخَدّيها المِحْمِرَّيْن وتجعلها تبدو أجمل كثيراً
الشاب – مبتسماً - : أخيراً ضحكتي ، اتفضلي الميّة
يعطيها المياة ، تشرب ، يجلسُ بجانبها ، لقطة كبيرة وهم يجلسان إلى جانب بعضهم في المحطة
لقطة أقرب وهم في نفس الوضعية ، كل منهم ينظر للأمام دون أن يتحدثان ، ينظر إليها الشاب أخيراً
الشاب : أنا يوسف على فكرة
الفتاة – بانتباه - : إيه ؟
يوسف : يوسف ، اسمي يوسف
الفتاة : آه ، - تصمت لثانية - ، أنا سارة
يوسف – مبتسماً بصوت منخفض - : على اسم نجلاء فتحي في إسكندرية ليه
سارة : إيه ؟
يوسف – مُفَسَّراً - : بطلة إسكندرية ليه ، كان اسمها سارة
سارة : هيّ الوحيدة اللي اسمها سارة في التاريخ مثلاً ؟
يوسف : لأ بس هي اللي افتكرتها دلوقتي ، مجرد ملاحظة مش أكتر
سارة – مُبْتَسِمَة - : أُمّي بتحبّ الفيلم ده أوي على فكرة
يوسف : بقينا اتنين
سارة : وأنا كمان بحبُّه
يوسف : بقينا تلاتة
يصمتان مرة أخرى لثواني
يوسف : انتِ كويسة ؟؟
سارة : تؤ تؤ
يوسف : مالِك ؟؟
سارة : مصدّعة ومدروَخة شوية
يوسِف – باهتمام -: لأ أنا أقصد مالِك ؟؟
تنظر إليه سارة للحظات ، ثُمّ تَنظر أمامها من جديد
سارة : مش عايزة أتكلم
صمت لفترة
سارة : أنا عطّلتك أوي ، مش كده ؟
يوسف : لأ أبداً
سارة : لأ عطلتك
يوسف : بصراحة آه ، بس خلاص كده كده الميعاد اضرب والمترو مفيهوش شبكة ، لما أخرج هبقى أكلم اللي كنت رايحله أعتذرله ، مش هيصدق الفيلم اللي حصل بس يخبط راسه في الحيط بقى
سارة : انتَ إيه اللي نزلك معايا صحيح ؟
يوسف – بتهريج - : لو مضايقة ممكن أمشي
سارة : لأ بسأل بجد
يوسف : الناس افتكرت إننا مع بعض عشان كنا بنتكلم وطلبتي مني مناديل وبعدين سندتك لما أغم عليكِ ، لما قلت إننا مش مع بعض بقوا يبصولي باعتباري عبده الندل ، كان لازم أنزل معاكِ
سارة : طب وليه فضلت معايا بعد ما نزلت
يوسف : ما هو لو مفضلتش كنت هبقى عبده الندل فعلاً
سارة : مش شرط يعني ، فيه ناس بيعملوا حاجات أندل من كده كتير ، انتَ متعرفنيش أصلاً
يوسف – بضحكة خفيفة - : لأ وبصراحة مكنتش طايقك من شوية لما قلتي لي وانتَ مالك ، بس يعني اللي حصل بقى ، مكنش ينفع أسيبك وأمشي خالص
صمت ، تنظر سارة بعيداً من جديد
يوسف : بس على فكرة يعني مفيش حاجة تستاهل الزعل اللي انتِ مزعلاه لنفسك ده ، كله بيعدي
سارة : ......
يوسف : كلنا بناخد على دماغنا ، وبعدين نقوم ، ناخد على دماغنا تاني ، نتكعبل ، نقوم ، هي دي الدنيا يعني
سارة – مبتسمة - : دلوقتي بقيت عبده الحكيم
يوسف : أنا أقصد يعني على رأي "عبده الحجار" : كل الجروح ليها دوا يا طير يا حالم في الهوا
تضحك سارة بشدة ، ضحكتها تبدو مبهجة جداً ، يضحك يوسف على أثرها
يوسف – وهو يضحك - : إيه اللي بيضحكك أوي كده ؟
سارة – وهي ما تزال تضحك - : عشان "عبده الحجار" أولاً ، وعشان ثانياً هو بيقول يا حايم مش يا حالم
يوسف : هو يعني إيه يا حايم أساساً
سارة : معرفش ، بس هو عبده الحجار بيقولها كده
يوسف : طالما متعرفيش يبقى يا حالم أحلى
نستمع لصوت مترو ثالث قادم
سارة : أنا هركب المترو الجاي ده بقى
يوسف : لا لا انتِ متركبيش مترو ، انتِ تعبانة وممكن يغم عليكِ تاني ، - ثم ضاحكاً – المرة دي مش هتلاقي عبيط زيي يفضل معاكِ ، انتِ ساكنة فين ؟
سارة : في حلوان
يوسف : طيَّب في عربيات بتروح حلوان من عبد المنعم رياض ، تعالي أركبك من هناك
سارة : لأ كفاية عليك بقى كده ، أنا عطلتك كتير أوي ، أكتر من كده هيبقى أوفر
يوسف : هو بقى أوفر من بدري على فكرة
تضحك سارة
يوسف : وبعدين كده كده الميعاد اضرب فعلاً ، خليني عبده الجدع لحد الآخر
يبدآن في الحركة ، نتابعهم في لقطة ثابتة حوالي دقيقة : يوسف وسارة يتحركان باتجاه الخروج .. هُما في عمق اللقطة .. يتحدثان .. لا نسمع ما يقولون وشريط الصوت يحوي ضجّة المحطة حيثُ يتوقف المترو .. يركب أُناسٌ وآخرون يخرجون ، يبتعد يوسف وسارة حتى يغيبان عن النظر ويخرجان من المحطة
قَطْع
مشهد 4
ليل / داخلي
ميدان التحرير
يخرج يوسف وسارة من محطة المترو ، حديثهم مازال مستمراً ، نراهم في البداية من بعيد ، نبدأ في الاستماع لحديثهم عندما يقتربا ، ونتحرّك معهم
يوسف : أيوة بس رغم كل حاجة متهيألي الناس مش بتقصد ، الناس بتقول وخلاص
سارة : لا الناس ساعات بيبقوا ولاد كلب ، ولما يبقى حد يعرفك ومع ذلك يجرحك .. فإنه ميقصدش ده مش عذر ، المفروض يقصد ميجرحكش
يوسف : مختلفناش ، بس هي الفكرة إن أي حد في الدنيا سواء يعرفك أو ميعرفكش أكيد عنده مبرراته ، محدش هيبقى ابن كلب من الباب للطاق ، اللي بيجرح أساساً بيبقى هو الطرف الأضعف ، الأصعب في الدنيا إنك تبقى كويس ، - يصمت قليلاً ثُمّ يُكمِل - ، تعرفي .. عندي نظرية كده بتقول إن الناس شبة الفاكهة .. قُولي أكتر فاكهة بتحبها أقولك انتَ مين
سارة : يا سلام
يوسف : آه واللهِ ، فكّري كده ، هتلاقي الفاكهة طيّبَة وشريرة ، والناس بتميل للفاكهة اللي تشبهها ، ليه مثلاً كل الناس بتحب الموز ؟ عشان الموز سهل كده ، كِبِيرُة قِشرَة ويتزفلط
سارة : اممم ، على كده يبقى البطيخ كمان طيّب
يوسف : ده أعبط عبيط في الدنيا البطيخ ، عشان كده كل الناس برضه بتحبه ، كل واحد فيه حتّة بطيخة صغيرة
سارة : إيه ده حلوة اللعبة دي ، إيه تاني طيب ؟؟ ، الجوافة طيّبَة
يوسف : آه ، بس مايعة ، تحسّي ملهاش شخصية واضحة وسط بقيت الفاكهة ، أختها الكُمَّترَى بقى شريرة .. صعبة في أكلها ولونها مش حلو ، عشان كده قليل لما تلاقي ناس بتحبها ، أي حد بيحب الكمترى يبقى شرّاني
يضحكان
يوسف : كنت بقول مرة لواحد صاحبي إنّي متأكد إن خالد يوسف فاكهته المفضلة الكنتالوب
سارة : اشمعنى ؟
يوسف : يعني ، فاكر نفسه أناناساية وهو في الأصل بطيخة ، فبيطلع في النهاية اختراع ملوش معنى زي الكنتالوب
سارة : بس أنا بحب الكنتالوب على فكرة
يوسف : المهم متكونيش بتحبي خالد يوسف ، وقتها هندم طول عمري إني نزلت معاكِ من المترو
سارة : لأ متخافش مبحبوش ، بس مقلتليش طيّب انتَ أكتر فاكهة بتحبها إيه ؟
يوسف : المانجة
سارة : اممم ، خليني أقولك ، - تُفَكّر - ، المانجة طيّبَة .. شخصيتها قوية وسط الفاكهة .. مُبهجة كده مينفعش تاكلها غير وانتَ مُبتسم
يوسف – في حركة مسرحية - : أخجلتم تواضُعنا واللهِ
سارة : ده على المانجة على فكرة ، أنا لسه مصدقتش النظرية
يوسف : أقولّك طيّب إيه أكتر فاكهة بتحبيها عشان تصدّقي ؟؟
سارة : إيه ؟؟
يوسف – بثقة شديدة - : تفاح طبعاً
سارة – بسخرية - : يا سلام ع الثقة ، غلط على فكرة
يوسف – يُفكّر لثانية - : اممم ، فراولة
تبتسم
سارة : ليه ؟؟
يوسف : مش عارف
سارة : لأ قول بجد عشان مقولش إنها جات صدفة
يوسف : لأ والله مش صدفة ، بس الكلام هيبقى مُبتذل أوي لما يتقال
سارة : قول يا سيدي وهستحملك ، مش هطلبلك البوليس يعني
يوسف : أصل التفاح والفراولة .. من برة كده يبانوا متقنعرين ورُخما ، نظام لو منجاية شدّتهم قبل ما يرموا نفسهم من طبق الفاكهة هيقوللها انتِ مالك
تضحك سارة ويضحك هو أيضاً قبل أن يُكمل مُبتسماً
يوسف : بس يعني ، لجوا شوية .. التفاحة بعد قشرتها بتبقى من جوا طيّبة ومسكّرة ، والفراولة كذلك .. تِنكَة وتحسيها طالعة فيها بس طيّبَة
تبتسم ، تُشيرُ له نحو رجل لا يظهر في الكادر
سارة : تفتكر الراجل اللي هناك ده إيه فاكهته اللي بيحبها ؟
ينظر يوسف نحو الرجل ، يفكر لثواني ثمّ يُجيبها
يوسف : شكله كده تيناية
سارة – تضحك - : شكلي هبتدي أآمن بالنظرية على فكرة
يوسف : طبعاً
سارة : تفتكر الراجل ده طيب إيه ؟؟
بعد سؤالها الأخير تصبح اللقطة واسعة جداً لميدان التحرير ، القاهرة تبدو جَمِيلة ، إيقاع مُميز من الحركة بين الناس ، يوسف وسارة في عُمق اللقطة يتحركان من التحرير لموقف عبد المنعم رياض ويبدوان مستمران في ممارسة اللعبة
قَطْع
مشهد 5
ليل / خارجي
موقف عبد المنعم رياض
سارة : أوف ، بكره المكان ده على فكرة
يوسف : بكره أي موقف أتوبيسات على فكرة
سارة : القاهرة على بعضها مزعجة جداً
يوسف : يعني ، بفكر في يوم من الأيام أعمل فيلم تسجيلي عن الأماكن اللي بحبها فيها يمكن أعرف أتصالح معاها أكتر
سارة : أصل هي الفكرة إنك لو بصيت حواليك هتلاقي كل حاجة بتتحرك ، الناس .. البياعين .. الأتوبيسات .. الميكروباصات ، كل الناس بتشتغل وكل الناس بتجري ، تحس إن الناس مش بتبص على بعض ولا تعرف بعض ولا مهتمية ببعض
يوسف : قلتلك قبل كده الناس مش بتقصد
سارة : وقلتلك ده مش مبرر ، مش مطلوب مني أفضل أدوّر لكل حد على أسبابه ، كفاية عليّ نفسي
يوسف : ما انتِ هتعملي كده عشانك مش عشانهم
سارة : إزاي مش فاهمة
يكونا في تلك اللحظة قد أصبحا بالقرب من "ميكروباصات" حلوان ، نستمع لصوت التبّاع ينادي ، ينظران إليه ، لا يتكلم يوسف حتى تخبره
سارة : هركب العربية اللي بعدها
يوسف : ماشي ، كنا بنقول إيه ؟
سارة : كنت بتقولي بتعملي كده عشانك مش عشانهم
يوسف : آه ، أصل بُصّي ، مينفعش تبقى كويّسة وانتِ شايفة الناس وحشين ، اللي عايز يبقى كويس لازم يعرف الناس ، واللي عايز يعرف الناس لازم يحب الناس ، ولو عايزة تحبي الناس لازم تفهميهم أوي على طبيعتهم ، وتسامحيهم أوي .. برضه على حقيقتهم
سارة : ومين بقى عنده طاقة لكل ده ؟
يوسف : أنا شايف إن اللي يقدر لازم يتجاوز ويسامح ، أصل افرضي فضلتي واقفة قدام كل كعبلة وكل خبطة تخديها من الدنيا وقدام كل جرح اتجرحتيه من حد سواء قصد أو مقصدش ، هتفضلي طول عمرك متعمليش حاجة غير إنك تخيطي جروح ، والحياة مش كده ، الحياة بتمشي .. ولازم انتِ كمان تتجاوزي وتسامحي عشان تقدري تكملي
يصمتان ، تتحرّك العربة التي كانت تحمّل ركّاباً لحلوان
يوسف – بضحكة خفيفة - : أنا كده بقيت عبده الحكيم رسمي
سارة : مش كده برضه
يوسف : خلّينا في القاهرة ، أنا مقتنع إن أي مكان مهما كان منيّل ، فهو ليه روحه .. حاجة مفيش مكان تاني بيشاركه فيها
سارة : والقاهرة فين روحها دي ؟؟
يوسف : القاهرة مشكلتها إنها عملية جداً ، كل الناس بتجري زي ما انتِ قُلتي ، بس يعني .. بحب وسط البلد بالليل .. بحب الحُسين قُرب الفجرية
سارة : عارف يمكن إيه أكتر مكان بحبه في القاهرة ؟؟
يوسف : إيه ؟
سارة : جامع السلطان حَسَن ، بستريّح أوي هناك
يوسف : وأنا كمان ، لما أعمل الفيلم التسجيلي اللي قلتلك عليه دول أكتر 3 أماكن هصوّر فيهم
سارة : انتَ بتشتغل إيه صحيح
يوسف : لأ لسه بدرس ، بس يعني ، فيه طموحات مؤجلة قد الدُنيا والبحر
سارة : بصرة ، بس الفرق إني خلّصت دراسة من كام شهر ، نفسي أحترف تصوير
يوسف : فوتغرافيا ؟؟
سارة : آه ، بس يعني مش عارفة أبدأ منين
يوسف : أظن من إنك تاخدي كورسات تصوير
سارة : واحدة صاحبتي دايماً تقولي كده ، قولي انتَ إيه طموحاتك المؤجلة ؟
يوسف : ياااه .. كتير أوي ، في الحياة وفي الكتابة وفي السينما وفي الاستقرار ، في الفترة دي كل بيبان الدنيا مفتّحة لاختياراتك ، المهم تختار إيه
سارة : تختار اللي مستريحله
يوسف : أيوة ما هو ممكن اللي مرتاحله دلوقتي ميريحكش بعدين ، عارفة فيلم بيفور سانرايس ؟؟
سارة : طبعاً
يوسف : كان بيقولها إنه ساعات بيحس لطيف أوي إنه يعمل بيت وأسرة ويبقى أب ، وده كفاية عليه ، بس ساعات تانية بيحس إن دي فكرة سخيفة أوي ، إنه عجوز معملش أي حاجة
سارة : بس هما لما بيتقابلوا بعد عشر سنين ، بيبقى عمل حاجة ، بيبقى روائي ومشهور وروايته مكسرة الدنيا ، بس مبيبقاش مبسوط
يوسف : ما هيّ دي الفكرة ، أنا بخاف أوي من الخيارات الغلط ، بخاف من الحاجات اللي ممكن تروح ومنعرفش نرجعها
في تلك اللحظة يقطع حديثهم "ميكروباص" جديد وصوت تبّاع ينادي على حلوان ، تَضُمّ سارة شفتيها
سارة : أنا هركب ده بقى عشان مش هينفع أتأخّر أكتر من كده
يتوقف الميكروباص بالقرب منهما ، ولكن سارة لا تتحرك ولا تقول شيئاً ، تحدّثه أخيراً
سارة : عارف ، فيه جملة بحبها أوي في الفيلم ده ، كانت بتقوله إن أجمل حاجة في كل اللي حصل بينهم إنه مكنش مفروض يحصل
يوسف – بابتسامة - : قَدَر
سارة : مُتشكرة على فكرة
يوسف : ياااااه ، أنا ليّ بتاع 14 شكراً من الصبح على فكرة
تبدأ سارة في العد على أصابعها
سارة : شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراً شكراًشكراً شكراً شكراً ، وقلتلك واحدة من ثواني ، يبقى خدت الـ 14 شكراً بتوعك
يوسف : عفواً ، أيّ خدمَة
سارة : أنا همشي بقى
يوسف : خُدي بالك من نفسك
سارة : وانتَ كمان
يُفترض هُنا أن تتحرّك ولكنهما يتلعثمان ، نستمع لصوت التبّاع ، لقطة للتبّاع يُنادي "حلوان" ويوسف وسارة في الخلفية ينظران إليه ، يكادُ يوسف يقولُ شيئاً ولكنه يتراجع ، تُنهِي سارة الصمت في النهاية
سارة : على فكرة أنا بركب المترو كتير ، غالباً هيحصل ونتقابل هِنَاك تاني
تقولها سريعاً ثُمّ تتحرّك باتجاه الميكروباص ، يبتسم يوسف ، يُتابعها بنظره ، تجلس بجانب الشَّبَاك ، تُشير إليه بالسلام ويُشيرُ إليها كذلك ، ثُمَّ يبدأ في التحرُّك لخارج المَوْقَف
نهاية